Okaz

تقاسيم العود متنع الزواج !

-

سوف أشعر بحرج بالغ فيما لو سألني أحد من خارج اململكة عن صحة الخبر الــذي تداولته مواقع التواصل االجتماعي عن تأييد محكمة االستئناف لحكم دائرة األحوال الشخصية باملحكمة الـعـامـة فــي إحـــدى مـنـاطـق املـمـلـكـ­ة بــرفــض إثبات عضل فـتـاة رفــض شقيقها تزويجها مـن معلم كـونـه عازف عـود، فقد رأت املحكمة أن الخاطب غير مكافئ للفتاة دينيًا بسبب عزفه للموسيقى. وربما كنت سأعتبر القصة مشوبة باملبالغة أو حتى غير صحيحة لو اقتصر تداولها في مواقع التواصل االجتماعي فقط، لكن صحيفة «عكاظ» نشرتها يوم أمس في صفحتها األولى ما يؤكد أنها حقيقية وقد حدثت بالفعل. بكل تأكيد ستتناول وسائل اإلعــام الخارجية هذا الخبر غير الطريف كما هي عادتها في التقاط األخبار املثيرة في الداخل السعودي وسوف نكون مثار التندر ولن نستطيع التبرير مهما حاولنا، ولكن بعيدًا عما سيثيره هـذا الخبر خارجيًا هل فعا ما زال لدينا مثل هذا التفكير الذي يتحول إلى أحكام قضائية تتعلق بمصائر البشر. في هذه القصة قبلت املحكمة شهادة شاهدين أفادا برؤيتهما الخاطب يعزف العود في مناسبتني، بينما لم تقبل تزكية إمـام مسجد وزمــاء املعلم الخاطب وشهادتهم له بالصاح ومــداومــ­تــه عــلــى الــصــاة فــي املــســجـ­ـد بــعــد أن تــقــدم لخطبة الفتاة مـرتـني، والفتاة تحمل شـهـادة املاجستير وبلغت من عمرها ٨٣ عـامـا وتعمل فـي منصب قـيـادي مـرمـوق وتحت إدارتــــه­ــــا أكــثــر مـــن ٠٠٣ مــوظــفــ­ة، لــكــن نـضـجـهـا وتعليمها ومعرفتها بمصلحتها وتزكية خطيبها لم يجعل املحكمة تـرجـح مصلحتها وتساعدها على االرتــبــ­اط بمن اختارها واختارته. املـشـكـلـ­ة الـحـقـيـق­ـيـة عـنـدمـا يــكــون عـــزف املـوسـيـق­ـى ال يجعل شخصًا متكافئًا دينيا، واملشكلة األكبر عندما ال يكون ذلك رأيًا شخصيًا وإنما حكمًا قضائيًا يتعلق بمصير شخصني يـريـدان االرتـبـاط ببعضهما عن قناعة ونضج. وألن الشيء بالشيء يذكر فإن السؤال الكبير هو كيف يمكن التوفيق بني هـذه الحادثة وإنشاء معاهد للموسيقى ودار أوبــرا ومعهد ملكي للفنون وعشرات الحفات املوسيقية التي عادت لدينا بكثافة. وأيضا إذا كانت قضية الفنون واملوسيقى مختلفا فيها لدى بعض الفقهاء والقضاة فكيف يكون املختلف فيه حكمًا قضائيًا يقضي على أمل شخصني ناضجني باالرتباط والحياة الزوجية معًا. هذه القصة تذكرنا باللحظات التأريخية التي كانت تحتفل بتكسير اآلالت املوسيقية أمام حشود الشباب وسط التهليل والـتـكـبـ­يـر والــهــتـ­ـافــات الـصـاخـبـ­ة، اعـتـقـدنـ­ا أنــهــا صفحة من املاضي لكن يبدو أنها ما زالت موجودة وتستطيع التحول إلى أحكام قضائية. كم كان سيكون زواجًا رومانسيًا لو أتيح لـهـذا الـعـاشـق االرتــبــ­اط بحبيبته كـي تسمع منه الـعـزف كل مساء على أوتار عوده وقلبه.

 ??  ?? تلميح وتصريح
تلميح وتصريح

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia