العيسى.. 785 يوما من خطته اجلسورة.. وذخيرته لن تنفد
785 يومًا مـن دخـولـه مكتب األمـانـة العامة لرابطة العالم اإلسـالمـي، وتوجيه بوصلته لكل االتجاهات، مبشرًا بالوسطية واالعتدال، ومشهرًا سيف «الحجج الــدامــغــة» عـلـى الــتــطــرف ومــحــاولــة تـشـويـه اإلســــالم وربــطــه بــأعــمــال التوحش للجماعات اإلرهـابـيـة. أكـثـر مـن عـامـني مـن العمل الـجـاد الـــدؤوب غير املنقطع، مكنت أمني عام رابطة العالم اإلسالمي الشيخ محمد العيسى من جائزة االعتدال فــي دورتــهــا الـثـانـيـة، إذ أعـلـن مستشار خـــادم الـحـرمـني الـشـريـفـني أمـيـر منطقة مكة املكرمة األمير خالد الفيصل تتويجه بجائزة االعتدال «نظير جهوده في تعزيز الوسطية واالعــتــدال ومفاهيمها وإبـــراز منهج االعــتــدال الـسـعـودي في املحافل الدولية». وفي أحد أيـام أغسطس الالهب من عام ،2016 دلف العيسى إلى رابطة العالم اإلسالمي كثامن أمني عام للرابطة العريقة التي تأسست عام ،1962 ويبدو أن الرجل الذي حمل حقيبة «العدل» الوزارية عام ،2009 والقادم من األوساط العلمية الفقهية في اململكة، قد حزم أمره، واختار مواجهة التطرف بــدال مـن مــداراتــه والتلطف مـعـه، ليبدأ حـربـه «الـفـكـريـة»، ويـبـدد مساحة الشك مـع اآلخــر، حتى استطاع فـي فترة وجـيـزة أن يعيد الرابطة إلــى مكانتها التي كان يأمل مؤسسوها أن تنالها كمؤسسة إسالمية شعبية عاملية جامعة، تعنى بإيضاح حقيقة الـدعـوة اإلسالمية، ومـد جسور التعاون اإلسـالمـي واإلنساني مع الجميع. وبسحنته النجدية واللباس التقليدي لعلماء الدين في السعودية، وصـل الرجل في مـشـواره إلـى مستويات فاقت توقعات أكثر املتفائلني بقدرته على حلحلة امللفات العالقة، إذ زار القيادات الدينية في معاقلهم الدينية، وجاب العواصم واملدن العاملية ليقدم رسالته بوضوح، فاملهمة «االستثنائية» تكمن في استئصال اإلرهاب، وعدم االكتفاء بـ«الفرجة» بينما يختطف الدين قلة متطرفة ال تمثل اعتدال الدين وسماحته. وبدا الشيخ العيسى وكأنه في سباق محموم مع الزمن، فالزيارات ال تنقطع، والصدع بـ«الوسطية» التي زحزحت الخطاب املتطرف وعـرتـه لفت أنـظـار الـعـالـم، مـا جعل باحثًا فـي جامعة هارفارد يكتب عن العيسى مقالة في موقع «هافنغتون بوست» األمريكي يصفه فيها بـ«النجم الصاعد ذي الشخصية امللهمة الذي يبذل جهودًا جبارة في تأكيد القيم الحقيقية لإلسالم». ودفــع النشاط الكبير للعيسى وكـالـة «رويــتــرز» فـي نوفمبر من العالم املاضي لسؤاله عن خريطة طريق الرابطة منذ توليه سدة القيادة فيها، ليؤكد العيسى أن تمثيل الدين اإلسالمي الحقيقي، بـبـيـان وإيــضــاح اإلســـالم الــصــادق املـتـسـامـح وتنقيته مــن شوائب الـغـلـو والــتــطــرف والــتــشــدد وتصحيح الـفـكـرة والــصــورة النمطية السابقة مهمة وعمل الرابطة األســاســي، الفتًا إلــى أن التصحيح سيكون بـ«الحقيقة التي نمثلها، وألنـهـا الحقيقة فهي لـن وال يمكن أن تــهــزم». وتــنــاولــت مجلة لــو بـــوان الفرنسية خطوات الشيخ العيسى، رابـطـة حـضـوره الـالفـت بـني أتـبـاع الديانات املختلفة وخطابه التسامحي بخطوات اإلصالح التي تحدث في بالده. ويـقـول أحــد العاملني فـي رابـطـة العالم اإلســالمــي (فضل عــدم ذكــر اسـمـه) لــ«عـكـاظ»، إن الـرابـطـة فـي عهد محمد الـعـيـسـى ليست كـقـبـلـه، مضيفًا «حــضــور الفــت وقوة فــي الــطــرح تــبــني جــوهــر اإلســــالم وتــفــشــي الوسطية واالعتدال والتسامح بني أتباع الديانات». ويــبــدو أن الـشـيـخ محمد العيسى املــقــل فــي إجراء مـقـابـالت إعـالمـيـة وحـــــوارات صحفية، مــاض في طريقه، إذ يشدد على أن الرابطة لن تقف موقف املــتــفــرج بــعــد اآلن وتـــتـــرك اإلســــــالم رهــيــنــة لدى املتطرفني، «تلك األيام قد انتهت».