ليلة اختطاف عبدالله أوجالن!

التاريخ مساء يـوم 15 فبراير ،1999 املكان مطار العاصمة الكينية نيروبي، األجــواء ماطرة والليل قــاتــم جـــدا، وصــلــت طــائــرة صـغـيـرة لـلـمـطـار تقول أوراق تسجيلها إنها لرجل أعمال تركي في طريقه إلى مصر. تـم تغيير معالم الـطـائـرة لتشبه طـائـرة الـقـائـد الــكــردي عبدالله أوجالن الذي كان سيغادر من نيروبي باتجاه هولندا؛ حيث يزمع إلــقــاء خـطـاب على الجالية الــكــرديــة، ويلتقي منظمات إنسانية ليحكي لـهـم عــن مـعـانـاة الـشـعـب الــكــردي ومــا خلفه الــصــراع مع األتراك من ضحايا وحلم الكرد في بناء وطن لهم. لحظات ويدخل موكب عبدالله أوجالن بسيارته املصفحة ساحة املطار ويتجه للطائرة التركية دون أن يعلم ال هو وال مرافقوه أنه تم تغيير طائرته بطائرة تركية شبيهة لها تماما، لقد ذهب برجليه للمصيدة، ما إن دخل أوجالن حتى سحبه للداخل أربعة رجـــال مــن االســتــخــبــارات الـتـركـيـة، وأغــلــقــوا الــبــاب فـــورا ودفعوا مـرافـقـيـه إلــى خـــارج الــطــائــرة الـتـي أقـلـعـت فـــورا مــغــادرة األجواء الكينية لجهة غـيـر معلومة بــدايــة األمـــر، بـعـد أربـــع ســاعــات من التخفي كانت الطائرة تدخل األجــواء القبرصية التي شكت بها بداية األمر، إال أنه تم استخدام حيلة عدم إجادة اللغة اإلنجليزية وصـعـوبـة الـتـواصـل بــن قـائـد الـطـائـرة وبــرج املـراقـبـة القبرصي ملماطلة سلطات الـطـيـران، عـشـرون دقيقة وكـانـت الطائرة تدخل األجــــواء التركية لتعبر بـسـالم نحو قــاعــدة عسكرية فــي منطقة باندرما شمال غربي تركيا. يروي الكاتب جوردان تومس في كتابه «أسرار املوساد» تفاصيل معقدة لقصة االخـتـطـاف، والـتـي أفــرد لها فصال خاصا وحاول تتبعها بن عدة عواصم، يقول جوردان: «طلب رئيس وزراء تركيا «بولند أجاويد» من رئيس الـوزراء اإلسرائيلي حينها «بنيامن نتنياهو» املساعدة في القبض على عبدالله أوجالن الذي تسبب بصداع للسلطات التركية، وكان يتنقل بن البقاع اللبناني وأملانيا وإيطاليا وموسكو، واستطاع التخفي دون أن تتمكن املخابرات التركية من القبض عليه، يستمر الكاتب في روايته قائال إن مكتب املوساد في العاصمة اإليطالية روما لعب دورا محوريا في تتبع أوجــــالن، حــن تلقى معلومة عــن تـوجـهـه مــن هـولـنـدا للعاصمة الكينية نيروبي بطائرة خاصة هربا من املالحقات. أرسلت املعلومة ملكتب املوساد في نيروبي ملراقبة وصول عبدالله أوجــالن الــذي لجأ فـور وصوله إلـى السفارة اليونانية، تم رصد حركته حتى قرر الخروج من كينيا مبلغا مرافقيه أنه سيتوجه لهولندا مرة أخرى، مررت املخابرات اإلسرائيلية املعلومة لألتراك الذين بدورهم جهزوا على عجل طائرة بديلة، تم فيها آخر فصول القصة الطويلة واملثيرة. قبل وصوله للعاصمة الكينية نيروبي استقر عبدالله أوجالن في البقاع اللبناني، ويقال إن أغنية فيروز الشهيرة «سلملي عليه»، التي كتبها ابنها زياد رحباني قيلت في أوجالن التي جاء نصها.. «سلملي عليه وقلو إني بسلم عليه.. إنتا يللي بتفهم عليه سلملي عليه سلم.. قلو عيونو مش فجأة بينتسوا». بدأت محاكمة عبدالله أوجالن فور وصوله للسجن املشدد، ووجهت له تهم عدة كان أهمها الخيانة العظمى للدولة التركية واملساهمة في تشويه سمعتها لدى املنظمات والـدول األجنبية، إضافة إلى تأسيسه لحزب العمال الكردي، حكم على أوجـالن باإلعدام الذي لم ينفذ بعد بسبب رغبة تركيا في االنضمام لالتحاد األوروبي والذي رفض املحاكمة وما صدر عنها من عقوبات. اشتهر أوجالن بأنه الزعيم الكردي األكثر كريزماتية بن كل قادة الـحـركـة الــكــرديــة مــن إيـــران وحــتــى ســوريــة، تـلـك الشخصية ذات التأثير الكبير أعطته حضورا هائال وغير مسبوق بن أوساط شعبه الكردي، وكذلك على املستوى الدولي، لقد كان يحمل قضية األكراد بن يديه كما روحه.