Okaz

النجاح الذي يعرفون

- محمد عبدالكريم محمد المطيري ــ محاضر في جامعة شقراء @MAMMMA011

استيقظ من سباته وبحث عن هاتفه النقال بعينني شبه مغمضتني، قبل أن يزيل آثار النوم من وجهه، بل ربما قبل أن يستفتح بذكر، أو أن يصلي صاة الصبح. وكل ذلك مخافة أن يفوته خبر، أو حـدث، أو أي مستجدات، أو لنسمي األخير (شيئا)، ألن بعض ما نطالعه ال يندرج تحت أي تصنيف. وبعد أن أنهى جولته اليومية متنقا بني أخبار تويتر وقضاياه؛ تافهها ومـهـمـهـا، وإشــاعــا­ت الــواتــس­ــاب والــتــرا­شــق الــريــاض­ــي، وخصوصيات اآلخرين في السناب شات، وكيف قضى أولئك القوم الذين يشبهوننا ليلتهم بعد أن ودعهم قبيل سباته، واختتم جولته بتعريج سريع على االنستقرام والفيسبوك، ثم قرر أن يزيل آثار النوم من وجهه ويفعل ما يفعله كل مستيقظ من نومه في العادة. لـم أكتب هــذا املـقـال ألخبركم عـن ديــدن الحياة اليومي لكل منا، ولكن ألحدثكم عن أولئك الذين يشبهوننا في السناب شات على وجــه الخصوص وغـيـره مـن وسـائـل االتـصـال الـذيـن تـعـددت أسباب شهرتهم، وشهرتهم واحدة. النجاح الذين يعرفون يبدو غريبًا ليس كما عهدناه، يبدو سهل املنال على عكس مـا كنا نـظـن، أثــره سـريـع والــوصــو­ل إلـيـه أســـرع. ولناحظ تــدرج شهرة أولئك الذين يشبهوننا وال يشبهوننا، فالشيء الـذي يأتي بسهولة لم يذهب بسهولة كما كنا نحسب، بل بقي واستوطن وال يبدو أنه سيرحل عما قريب. استمعوا لحديثهم عـن الـنـجـاح -وصـدقـنـي هـم يتحدثون عنه كثيرًا - هناك امتهان عظيم ملفهوم النجاح. في زمان مضى كان الناجح يظهر وعلى وجهه آثار التعب واإلعياء من وعثاء الـطـريـق ومشقة الـــدرب، تظهر آثــار كفاحه فـي نصائحه، وتظهر خـبـراتـه في اختياره ملفرداته، حني يسألونه عن أسباب نجاحه يتوقف لبرهة من الزمن، ليمر شــريــط ذلــك الــــدرب الــطــويـ­ـل املـحـمـل بـالـعـديـ­د مــن الــعــثــ­رات واإلحباط والهزائم الحقيقية والنفسية، وقبل أن يبادر باإلجابة تخرج آه دفينة بغير قصد منه من أعماق الصدر اختزلت جميع تلك الذكريات، ثم يجيبهم ويخبرهم أن يحاولوا ويحاولوا وأال يتوقفوا عن املحاولة حتى لو وصلوا ملا يطمحون. أما نجاح اليوم فهو مختلف ال يتطلب موهبة فذة، وال يتطلب عظيم معرفة، فالكل ناجح حتى لتظن أنه ليس هناك فاشلون، والكل رجال أعمال وسيدات أعمال حتى لتظن أنه لم يعد يشغل الوظائف أحد. عوامل هذا النجاح أخرى مختلفة تمامًا هي الصدفة، بل ربما الفرصة، بل ربما تعرف من ذاك املجتمع شخصًا يفتح لك الباب لتعبر للضفة األخـــرى. كـل مـا يحتاجه املـوضـوع خطوة واحــدة صــوب املكان املناسب، في الوقت املناسب، وبرفقة الشخص املناسب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia