اللذة املشبوهة للهيمنة الذكورية
ال يقتصر واقع الهيمنة الذكورية في مجتمع ما على الذكور، وإنما تشارك اإلناث في ذلك، كتعبير عـــن لــــذة الــســيــطــرة الـــتـــي تــعــتــبــر مــقــومــا لنجاح العالقات بني الطرفني في صيغة متبادلة وحيوية تجمع بني التسلط من جهة والخضوع من جهة أخـــــرى، لــكــن الــنــســاء الــالتــي يــشــاركــن فــي تعزيز هذه الذهنية تكيفن مع عامل الخضوع كعنصر تـكـمـيـلـي يـحـقــق الـــوفـــاق لــهــن فـــي عــالقــاتــهــن مع الجنس اآلخر بالرغم أنهن األكثر تضررا، فينظرن إليه كعنصر نقص يتحقق بوجوده الكمال لهن. الــجــدل الــقــائــم فــي أكــثــر الـقـضـايـا الــتــي تتمحور فــي هــذه الصيغة تـسـاعـدنـا فــي مـالحـظـة انقسام الـــرأي بــني الــذكــور أنفسهم واإلنــــاث أنفسهن في شكل من التناقض والضدية التي ال يوجد فيها الحل الوسط، وكل هذا التاريخ للجدل حول شكل العالقة بني الرجل واملرأة لم ينتج لنا سوى الزج به في مجاالت صراعية ال تخدم أي هدف ملصلحة الــطــرفــني، قـــد يـتـجـلـى ذلــــك عــلــى مــســتــوى بعض الـكـتـابـات والـنـخـب والـنـاشـطـني والــنــاشــطــات في الحراك الثقافي مما يزيد األمر خطورة. كــمــا هـــو مـــعـــروف؛ أن الــفــعــل ورد الــفــعــل عبارة عــن تعيني تـبـادلـي فــي الــقــوة الــتــي تـتـعـاكـس مع بعضها في االتجاه، وفي الحني الـذي أخـذت فيه الهيمنة الذكورية كمكمل للعالقة، أصبحت تؤخذ على الضد كعامل يسمح بوجود االنتهاك الذي يـقـابـل هــو اآلخـــر بـــردود أفــعــال عنيفة، مــا يعني إعـــادة اإلنــتــاج للهيمنة والتسلط ذاتــهــا لــدى أي مــن الــذكــور أو اإلنـــــاث، حـتـى وإن كـــان باختالف الدور واألسلوب، حيث أنها قد تمارس في أخطر أشكالها دون إكـراه اآلخر أو إيذائه بشكل مباشر يفهمه. درس بيبر بورديو هذه القضية كموضوع أساسي تــنــاولــه بـالـنـقـد والــتــحـلــيــل فــي كــتــابــه «الهيمنة الــــذكــــوريــــة»، فـــي مـــحـــاولـــة ملـــقـــاربـــة هــــذه املسألة وفهمها، وفــي سياق تفصيله لطبيعة العالقات القائمة فـي مختلف املجتمعات، داعـيـا إلــى عدم توليد النظام الذكوري في الهيئات واملؤسسات، وإلــى أن الـثـورة املعرفية التي تستوعب تأثيرات الــهــيــمــنــة هـــي الـــحـــل، فــيــمــا أن ذلــــك نــافــع إذا تم تطبيقه بالتعامل مـع صــورة «التسلط» وحدها ومعالجتها، سواء كانت في الفعل أو ردة الفعل.