االقتصاد ورأس املال البشري

تنعقد هذا اليوم قمة رأس املال البشري، التي تضم كوكبة من زعماء العالم والشخصيات املؤثرة، وسوف توجه القمة من خاللها دعوة عاملية للنهوض باالستثمارات الخاصة باإلنسان، والتي تتركز في املقام األول على بناء رأس املال البشري، كما سوف يتحدث في القمة رئيس البنك الدولي ورئيس وزراء سنغافورة ووزيرة مالية إندونيسيا ومدير منظمة اليونيسيف وميليندا بيل جيتس ومدير برنامج األمـــم املـتـحـدة اإلنـمـائـي وغـيـرهـم، وعـلـى هامشها سوف يطلق الـبـنـك الــدولــي مــؤشــرا جــديــدا لـــرأس املـــال البشري لـتـرتـيـب الــــدول حـسـب الـنـتـائـج الــتــي حققتها فــي مجال الــصــحــة والـتـعـلـيـم والــخــدمــات االجــتــمــاعــيــة، فــأيــن نحن مــن هــذه الــتــطــورات الـسـريـعـة الــتــي تـجـتـاح الـعـالـم كدول خليجية وعربية، إذا علمنا أن رأس املال البشري هو رأس املــال الحقيقي لألمم والــذي يقوم عليه اقتصاد املعرفة، وهو الجانب الذي لم ينل حقه من االهتمام في أدبياتنا االقتصادية عموما، خصوصا وأن تأثيره ال يتوقف على الجانب االقتصادي فحسب، بل يتعداه إلى اختزال كفاءة التعليم والتأهيل ودرجة التنافسية في رأس املال البشري وغــيــرهــا، ولــكــي ال نــتــوغــل فــي الــكــالم اإلنــشــائــي املكرر، سوف أسوق لكم تجربة حية ولن أتعرض من خاللها عن التجربة السنغافورية أو املاليزية أو الكورية التي أشبعت بحثا، ولكن عن التجربة النرويجية والتي لم تسلط عليها األضـــواء، فرغم تماثلها مـع الحالة الخليجية فـي ملمح مهم هـو إنـتـاج النفط إال أن تقرير الحكومة النرويجية عام ،2017 يشير إلى أن الدخل القومي اإلجمالي للنرويج ارتفع بنحو 273 مرة منذ عام ،1970 وهي نسبة خرافية لم تطرح من قبل! هذا االرتفاع الكبير في الدخل قد يكون من أسبابه النفط ال شك في ذلك، لكنه ليس كافيا لرفع هذه النسبة إلى هذه الــدرجــة إذا مــا علمنا أن معظم الـــدول النفطية العربية تعاني من عجوزات في امليزانيات رغم كونها أكبر إنتاجية من النرويج، وهنا يبرز دور التنمية البشرية ونتائجها املباشرة، فقد استطاعت هذه الدولة تحقيق نمو سنوي في إنتاجية املوظف خـالل الفترة من 96 ــ ،2005 سوف يصل فـي نهاية الخطة 2035 إلــى %85 وهــذا هـو مربط الفرس!