متدد حلف شمال األطلسي..!
أنـشـئ حلف شـمـال األطلسي )NATO( يــوم /4 /4 ،م1949 للدفاع عن الغرب املتنفذ وتوابعه، ضـــد مـــا يــهــددهــم مـــن أخـــطـــار، وفــــى مقدمتها الخطر الشيوعي الــذي كــان يمثله االتـحــاد السوفيتي. وقام هذا الحلف العسكري أساسا، أثناء صراع الدولتني العظميني (الواليات املتحدة واالتحاد السوفيتي). وكرد فعل على قيام حلف (ناتو)، أنشأ االتحاد السوفيتي وحلفاؤه حلف (وارسو) يـــوم /5 /14 .م1955 وأصــبــح هــنــاك مــعــســكــران متنافران مــتــضــادان، يـسـيـطـران عـلـى الــعــالــم، املـعـسـكـر الــغــربــي (ناتو) بقيادة الواليات املتحدة، واملعسكر الشرقي (وارسـو) بزعامة االتحاد السوفيتي. وهدف هذا الحلف هو: «الحفاظ على حرية وأمن أعضائه»، كــمــا جـــاء فــي املــوقــع اإللــكــتــرونــي الــخــاص بــالــحــلــف، ومقره بروكسل. فالحلف يعبر عـن: «التزامه بالقيم الديموقراطية، وتقاسم املــوارد التي من شأنها تعزيز الـدفـاع واألمــن للدول األعضاء، من خالل منع وإيقاف الصراعات، مع التأكيد على أن استخدامه للعمل العسكري ال لبس فـيـه، فـي حــال فشلت الجهود الدبلوماسية».
*** إنه تحالف عسكري، أنشئ بموجب معاهدة شمال األطلسي، والتي تعرف أيضا بمعاهدة واشنطن، وذلك ملواجهة االتحاد الـسـوفـيـتـي، بـصـفـة أســاســيــة، بـعـد أن نـشـر األخــيــر قــواتــه في وسط وشرق أوروبـا، عقب الحرب العاملية الثانية. وأعضاؤه األصليون 16 دولــة، هـي: بلجيكا، أمريكا، فرنسا، الدنمارك، كندا، آيسلندا، إيطاليا، لوكسمبرغ، هولندا، النرويج، البرتغال، بريطانيا،. ثم انضمت إليه فيما بعد اليونان، تركيا، أملانيا الغربية، إسبانيا. وبعد انهيار االتحاد السوفيتي، التحقت بــه 13 دولــــة كــانــت أعــضــاء فــي حــلــف وارســـــو، وهــــى: تشيك، املجر، بولندا، بلغاريا، إستونيا، التفيا، ليتوانيا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، ألبانيا، كرواتيا، الجبل األسـود. أي أن عدد أعضائه اآلن وصل إلى 29 دولة.
*** وبعد انهيار املعسكر الشرقي، وزوال االتحاد السوفيتي عام ،م1991 تـوقـع الكثير مـن املـراقـبـني املتخصصني، أن يصفى حــلــف نـــاتـــو، ويــنــتــهــي، بــســبــب ســـقـــوط االتــــحــــاد السوفيتي وحـلـفـائـه، وهــو الــعــدو األكــبــر لحلف نــاتــو. وكــانــت املفاجأة الكبرى... أن استمر حلف ناتو، وتصاعدت قوته، وتمدد شرقا، ليضم في عضويته دوال كانت باألمس في صف العدو اللدود. أكثر من يثير االستغراب، ويعبر عن القلق نتيجة لهذا التطور غير املـتـوقـع، هـو روسـيـا، وريــث االتـحـاد السوفيتي السابق. ملاذا حصل هذا التطور، واستمر حلف ناتو، بل وقوى عن ذي قبل، رغم زوال املسبب األساسي لقيامه؟! لقد استمر حلف ناتو قويًا، لألسباب األربعة التالية: )1( حــرص الــواليــات املـتـحـدة عـلـى بـقـائـه ودعــمــه، ورغبتها في استخدامه كذراع عاملي ملد الهيمنة، وبسط النفوذ، ودعم كونها الدولة العظمى األولى. )2( عــداء الـغـرب العقائدي والـحـضـاري التقليدي التاريخي نحو روسيا.
)3( عــــداء الــغــرب الصني. )4( محاربة مـا يسمى بــ «الـتـطـرف اإلســالمــي» الــذي وضعه الــغــرب فــي قـائـمـة األعـــــداء... واعـتـبـره الــعــدو الـبـديـل لالتحاد السوفيتي، في مرحلة ما بعد الحرب الــبــاردة، بني الدولتني العظميني سابقا. الــعــقــائــدي والــحــضــاري الــتــاريــخــي تجاه
*** إن حــرص الــواليــات املـتـحـدة عـلـى اســتــدامــة نــفــوذهــا، كدولة عظمى أولى، أمر مفهوم، وعملها على بقاء حلف «ناتو» يجب أن يفهم في هذا اإلطـار. ويمكن، إذن، اعتبار أن إصرار أمريكا على بقاء وتقوية هذا الحلف ناجم أصال من حرصها على دعم نفوذها، وهيمنتها الكونية. ومـع ذلــك، يجب عـدم االستهانة بعداء روسيا والصني واإلسالم املتطرف ألمريكا والغرب. ومـعـروف، أن روسـيـا، رغـم كونها – بالدرجة األولــى – دولة أوروبية كبرى، إال أن هناك عداء أوروبي تاريخي تقليدي لها. فعلى مدار التاريخ الحديث واملعاصر، كانت هناك صراعات وحــروب شعواء بني روسيا والــدول األوروبـيـة الكبرى. وكان هناك غـزو عسكري روســي لكثير من بلدان أوروبــا املجاورة لروسيا. كما أن كون غالبية الروس تعتنق املذهب األرثوذكسي جعل لروسيا تقاليد وحضارة مختلفة عن غالبية دول أوروبا وغالبيتها الـبـروتـسـتـانـتـيـة. وســاهــم قــيــام «الـشـيـوعـيـة» في روسيا، في الفترة 1917 – ،م1991 في جعل روسيا في عداء مع «الديموقراطيات» الغربية، ورثته روسيا رغم تخليها عن التوجه الشيوعي املاركسي. وبعد زوال االتحاد السوفيتي، طلبت روسيا االنضمام لحلف «ناتو»، فرفض طلبها، لكونها دولة منافسة. وطالبت روسيا بـعـدم تـوسـع حلف «نــاتــو» شــرقــا، فلم يستجب لـهـذا الطلب، وتــمــدد الــحــلــف حــتــى حــــدود روســيــا الــغــربــيــة. ومـــا ذكـــر عن روسيا، يقال أيضا، ودون شك، عن الصني التي تكاد تصبح دولة عظمى، ذات حضارة مختلفة منافسة جدا للغرب، وفي كــل املـــجـــاالت. وعـــن مــوقــف الــتــطــرف اإلســالمــي تــجــاه أمريكا والغرب قد نتحدث الحقا.