في يوم الصحة النفسية: 400 مليون مكتئب في العالم
صادف يوم األربعاء املاضي العاشر من أكتوبر يــــوم الــصــحــة الــنــفــســيــة الـــعـــاملـــي، وبمراجعة اإلحـصـاءات واألرقــام ملرضى الصحة النفسية فـــوجـــئـــت بــحــجــم األعـــــــــداد وأهـــمـــيـــة الـــــعـــــالج، وحـــســـب آخر اإلحصاءات قبل عشر سنوات وصل العدد إلى )300( مليون مكتئب فـي الـعـالـم، وحسب توقعات عــام م2018 يصل عدد املــرضــى إلــى حــوالــى )400( مـلـيـون مـريـض اكـتـئـاب نفسي، وأصــبــح مــرضـى االكــتــئــاب األكــثــر انــتــشــارا وإصــابــة لجميع الفئات العمرية، وركـزت معظم الـدول الصناعية على أهمية العالج املبكر ملرضى االكتئاب النفسي واالحتفاظ بسجالت املـصـابـني بـهـذا املـــرض، وهــو مــرض أسـبـابـه عــديــدة، ومنها فــي الــعــصــر الــحــديــث الـــحـــروب واالضـــطـــرابـــات االجتماعية والـكـوارث الطبيعية والقهر االجتماعي والفقر وغيرها من األســبــاب، ورغــم تـزايـد أعـــداد املـرضـى إال أن االهـتـمـام موجه فـقـط لــعــالج املــرضــى ولــيــس لــعــالج مـسـبـبـات املــــرض، ويرى بعض املتخصصني أن مـن أكبر أعــداد املصابني باألمراض الـنـفـسـيـة فــي الــســنــوات الـخـمـس األخــيــرة هــم املــهــجــرون من أوطانهم وأعدادهم باملاليني نتيجة الحروب في بالدهم. إن األمــراض النفسية تشكل تهديدا للمجتمعات وتزيد من نسبة االنـتـحـار فـي حــال لـم تتم املتابعة والــعــالج، وينبغي تكاتف الجهود من معظم الجهات كــوزارة الصحة واإلعالم والجامعات والشباب من خـالل تنظيم محاضرات توعوية فــي املـــدارس واملــؤســســات املجتمعية والــحــث على التخلص من ثقافة العيب والـعـار التي يخشى منها املريض النفسي وعــائــلــتــه، وكــذلــك ضــــرورة تــوعــيــة املـجـتـمـع لـتـقـبـل املريض النفسي ومساعدته لتجاوز املرض عن طريق العالج والتهيئة النفسية، وضرورة توعية املريض نفسه ملواجهة هذا املرض وتلقي العالج املناسب في املكان املتخصص. ويقدر عدد املرضى في اململكة بحوالى نصف مليون مريض، منهم حـوالـى 382.762 يـراجـعـون املستشفيات الحكومية، وحوالى 120 ألفًا يراجعون املستشفيات والعيادات الخاصة، وبلغ عدد املنومني في املستشفيات الخاصة والعامة حوالى 35 ألف مريض. وتحرص اململكة العربية السعودية على بذل جميع الجهود ورصـد امليزانيات الالزمة ملواجهة وعـالج هذا املـرض، حيث قررت وزارة الصحة السعودية تغيير مسمى العيادة النفسية األولية في مراكز الرعاية األولية إلى العيادة اإلرشادية الشاملة بهدف زيادة الجذب ومنع الحرج عن مراجعي هذه العيادات في املراكز الصحية، ووصل عدد مستشفيات الصحة النفسية في اململكة إلى 21 مستشفى سعتها السريرية حوالى 4046 سريرا ووصـل عدد العيادات النفسية إلى حوالى 99 عيادة نفسية، وبلغ عدد األطباء النفسيني 728 طبيبا ويساعدهم 3346 ممرضا وممرضة، 1200و أخصائي اجتماعي، 642و أخصائيا نفسيا. ويدعم عالج املرضى اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية والتي تعمل على تعزيز الصحة النفسية باملجتمع من خالل نشر الثقافة والوعي باألمراض النفسية وطرق التعامل معها، ورغــم الجهود الكبيرة املبذولة مـن الــدولــة، ممثلة فـي وزارة الصحة إال أن أعــداد مرضى الصحة النفسية في تزايد كبير ويكاد ال يخلو بيت إال وبه مريض نفسي مع اختالف درجة املرض، ويكثر وينتشر هذا املرض لدى الطبقة الغنية وأبنائها كما تشير إحدى الدراسات وقد يكون الفراغ أحد األسباب. ويعتبر هــذا املــرض مـن األمـــراض املخفية فـي بـدايـاتـهـا وال يعلم بـه املـريـض نفسه أحـيـانـا إال فـي الـصـدمـات، ويتعامل األهــل مـع األبـنـاء املصابني بـاملـرض بعنف واضـطـهـاد حتى يصل األمــر إلــى الحجر املـنـزلـي، وهــي حـلـول غير حضارية وغير مجدية، بل تزيد من حـدة الـحـاالت، ولألسف لم يهتم القطاع الخاص بهذا املرض كثيرا واستثمر بعض املخلصني مــن الــدكــاتــرة ورجـــال األعــمــال بـإنـشـاء مستشفيات واهتمت بعض املستشفيات املتخصصة بتخصيص أجنحة خاصة للمرضى النفسيني. ويــرســل املــيــســورون أبــنــاءهــم إلــى الــخــارج منعا مــن الحرج والــعــيــب، ولـــألســـف، وأنــشــئــت بــعــض املـسـتـشـفـيـات الخاصة فـي بعض الــدول العربية مثل مصر ولبنان واألردن لعالج املرضى العرب. وتــعــتــزم وزارة الــصــحــة إنـــشـــاء 14 مـسـتـشـفـى متخصصا مستقبال، ويؤسفني كل األسـف أن رجـال األعمال في اململكة لم يهتموا باالستثمار في هذا املجال، وال يوجد في اململكة مستشفى واحــد خــاص لــألمــراض النفسية وهــو مـجـال مهم ومــطــلــوب وعـــوائـــده االسـتـثـمـاريـة كـبـيـرة وقـــد يــكــون السبب املـسـمـى، إال أن االسـتـثـمـار ال عــالقــة لــه بـاملـسـمـى، وقــد يكون السبب العوائق البيروقراطية في الحصول على التراخيص أو القروض الداعمة. وبهذه املناسبة أتمنى على صندوق االستثمارات أن يقود االســتــثــمــار فـــي هـــذا املـــجـــال بــإنــشــاء مـــراكـــز أو مستشفيات للعالج مـن األمـــراض النفسية فـي أحــد الـجـزر املنتشرة على البحر األحمر أو أعالي جبال عسير والباحة أو في مناطق ذات خصوصية لالستشفاء، وعلى شركات التأمني أن تخطط لـالسـتـثـمـار فــي هـــذا املـــجـــال، كــمــا أطــالــبــهــا بــإضــافــة العالج النفسي لبوليصة التأمني الطبي، كما أطالب بإنشاء املعاهد واملــراكــز التعليمية والـتـدريـبـيـة ومـعـاهـد األبــحــاث العلمية املتخصصة في مجاالت تطوير الطب النفسي ومواكبة أحدث ما تم ابتكاره في مجال الصحة النفسية.