التعاطي مع ملف البطالة
تشكل البطالة واحدة من أهم ملفات الحكومة مع املجتمع، وبالتالي سعت الدولة إلى إعطائها أولوية قصوى وتناوب على إدارة ملفها جملة من الوزراء كل ترك بصمته التي تختلف عن اآلخر في طريقة تعاطيه مع أبعاد هذه القضية وفقا لرؤيته وفريقه الوزاري، وإن كانت تغلب على هذه الحلول جملة من السمات واملالمح العامة أولها سيادة الحلول قصيرة األمد وكأن هذه املسألة مرتبطة بفترة الوزير (الحالي) فقط، والثاني طغيان الجانب اإلعالمي والشعبي على طريقة املعالجة وفي تناول هذه األرقام مع الرأي العام، مما يـخـرجـهـا أحــيــانــا مــن إطــارهــا املــوضــوعــي، والــثــالــث عـــدم تناول املشكلة من جذورها ومكوناتها التاريخية، ولذلك كتبت جملة من املقاالت طوال هذه الفترة أوضحت فيها عدم إمكانيه تحقيق تقدم فـي هــذا امللف مـا لـم يتم تغيير اإلستراتيجية وتصبح إشكالية حكومة أكثر منها إشكالية وزارة وعندما أقـول إشكالية حكومة فـإنـي أعـنـي مساهمة جملة مــن الـــــوزارات والـهـيـئـات واملؤسسات الـحـكـومـيـة األخــــرى فــي مــكــونــات هـــذه الـبـطـالـة وبــالــتــالــي أهمية انخراطها في هذه الحلول، لكن شيئا لم يتغير طوال هذه الفترة وكل املقاالت التي كتبتها طوال عقد أو عقدين فحصتها ووجدتها صالحة لكل زمـان ومكان، أما سبب استدعاء هذا املوضوع الذي قللت من الحديث فيه في الفترة األخيرة، هو ما ذكره الوزير أحمد الراجحي مـن أن هـذه القضية هـي قضية حكومة وليست وزارة، وبالكاد توصلنا إلى تبني هذه العبارة بعد 20 عاما من طرحها، وهـــذا مــا أراه تـقـدمـا كـبـيـرا فــي نـظـرة الــــوزارة لتشعبات القضية وطبيعة الحلول والجهات املرتبطة بها بعد أن ظل تناول البطالة طـوال هـذه الفترة من خـالل سطحها الخارجي ومـن خـالل برامج مؤقتة للسعودة دون التوغل في مكوناتها التاريخية أو تناولها مــن جــذورهــا الحقيقية كـمـا أسـلـفـت، وبـالـتـالـي ظـلـت كــل الحلول املتعاقبة مرحلية وعلى هيئة مسكنات والـكـل يبحث عـن نجاح مرحلي، وهو ما يفسر عدم تحقيق النسب املستهدفة التي كانت ترد في هذه الخطط الوزارية أو املركزية، ففي الوقت الـذي كانت الخطة تستهدف خفض هذه النسبة نجدها قد ارتفعت في نهاية الخطة دون إبداء أو مناقشة األسباب، وبالتالي ظل ترمومتر هذه النسب ينخفض ويرتفع مع موجة اإلنفاق الحكومي دون تأثير يذكر لبقية العوامل األخرى.