كالم في الوقت الضائع !
تنقل بعض وسائل اإلعام العربية من قنوات وصحافة وغيرها تصريحات يــدلــي بـهـا مــســؤولــون غــربــيــون تركوا مــنــاصــبــهــم الـــرســـمـــيـــة وأحـــيـــلـــوا إلى التقاعد أو أعفوا من أعمالهم السابقة، ألن تــلــك الــتــصــريــحــات تــأتــي مدعمة للحقوق العربية السيما فيما يتصل بــحــقــوق الــشــعــب الـفـلـسـطـيـنـي، فتجد املسؤول الغربي السابق يدلي بأقوال ينتقد فيها سياسة بـــاده أو سياسة الـــغـــرب عــمــومــًا ويـــدعـــو إلــــى تحقيق الـــعـــدالـــة لــلــقــضــايــا الــعــربــيــة التليدة والـــــجـــــديـــــدة، وربــــمــــا دغـــــــدغ املشاعر أكــثــر فــوســع دائــــرة دعــوتــه اإلنسانية لـتـشـمـل الــشــعــوب واألقـــلـــيـــات املسلمة املضطهدة فـي الـعـالـم، ويعبر اإلعام الــعــربــي عــن فــرحــتــه وتــرحــيــبــه الحار بتلك التصريحات عن طريق إبرازها وتـداولـهـا والتعليق عليها بــأن الحق «حــــصــــحــــص» عـــلـــى لــــســــان املــــســــؤول الــغــربــي الــســابــق، مـــع تــوقــع أن يكون لتصريحاته أثر إيجابي في حث ساسة في دول الغرب على تعديل سياساتهم نحو األمتني العربية واإلسامية، وقد يتبع ذلــك الترحيب اإلعــامــي توجيه دعوات للمسؤولني الغربيني السابقني واالحتفاء وكأنهم ال يزالون على رأس العمل أو أكثر! وهـــذه الـفـرحـة الــســاذجــة بتصريحات مسؤولني غربيني سابقني تجاه قضايا املنطقة تدل على أن الفرحني يمتلكون ذاكــرة ضعيفة وال يمتلكون «أرشيفًا» يـــســـجـــل مـــــواقـــــف أولـــــئـــــك املسؤولني السابقني عندما كـانـوا فـي مناصبهم الرسمية، ولو كانوا يتمتعون بذاكرة حــيــة أو بــأرشــيــف راصـــــد لــعــلــمــوا أن مــعــظــم الــــذيــــن يـــزعـــمـــون مناصرتهم لقضايا األمة العربية كانوا ضدها من قبل إلى حد العداء الظاهر والتحريض والـــتـــآمـــر، وهــــم يــفــســرون ذلــــك بأنهم يــنــفــذون سـيـاسـة بــلــدانــهــم، وذلــــك أمر ممكن تفهمه إلــى حــد مــا، ولـكـن مــا ال يمكن فهمه وقـبـولـه هــو قـيـام الواحد مــنــهــم بــخــلــع ثــــيــــاب الــــذئــــب الشرس وارتـــداء ثياب الحمل الـوديـع وادعائه املناصرة للقضايا والحقوق املشروعة لشعوب الشرق األوســط فــإذا فعل ذلك تهافتت عليه وسائل اإلعــام العربية وأظــهــرتــه فـــي صــــورة الــبــطــل الــــذي ال يخشى في الحق لومة الئم!