اللغة التي تفهمها إيران
شهدت األشهر األخيرة حراكا إيرانيا داخل أوروبـــــــا والــــواليــــات املـــتـــحـــدة، عــبــر زيــــادة العناصر االستخبارية التي ترتدي العباء ة الدبلوماسية، واألهــداف املوضوعة لهذه العناصر هو البحث عن أهداف سريعة، ستتم مهاجمتها بعد فرض الـحـزمــة الـثـانـيـة مــن الـعـقـوبـات األمـريـكـيـة فــي نوفمبر القادم. في يوليو املاضي، قبض على دبلوماسي إيراني واثنني مـــن أصــــل إيـــرانـــي فـــي أملــانــيــا وبــلــجــيــكــا عــلــى التوالي لاشتباه فــي تآمرهما لتفجير مـظـاهـرات للمعارضة اإليرانية في باريس، وكان الدبلوماسي املفترض واملقيم في فيينا أسدالله أسعدي هو الذي زودهما باملتفجرات. وكانت هذه العملية تستهدف مسيرة لجماعة مجاهدي خلق )MeK( التي تسعى لإلطاحة بالحكومة اإليرانية وحــضــرهــا اآلالف، بــمــا فـــي ذلــــك املــحــامــي الشخصي للرئيس ترمب رودولف دبليو جيولياني. وذكر مسؤول أملاني، بحسب صحيفة ساندي إكسبريس، أن فــرنــســا وأملـــانـــيـــا، الــلــتــني تــأثــرتــا بــمــؤامــرة باريس، يفضان عدم التصعيد مع طهران، من أجل محاولة إنقاذ الصفقة النووية اإليرانية، وهذا من نماذج البراغماتية الـسـيـاسـيـة لــلــدول الـغـربـيـة، حــني تـضـع االقــتــصــاد على الطاولة، والقيم داخل األدراج. وفي العام املاضي في أملانيا، حكم على رجل باكستاني بـالـسـجـن ملـــدة أربـــع ســنــوات بـعـد إدانــتــه باالستكشاف ألهداف يهودية وإسرائيلية في الباد، بتوجيه من فيلق القدس، الذراع الخارجي للحرس الثوري اإليراني. وقد علق نورمان رولــي، مدير امللف اإليراني في وكالة االســتــخــبــارات املــركــزيــة ،CIA أن رد الــفــعــل األوروبـــــي الضعيف يــقــول لـإليـرانـيـني «ال تـوجــد أي عـقـبـات أمام الـقـيـام بــأي عمليات إرهــابــيــة»، وذكـــر بمخطط اغتيال الـسـفـيـر الــســعــودي فــي الـــواليـــات املــتــحــدة فــي واشنطن خال عام 2013 وزير الخارجية الحالي عادل الجبير. هذا يؤكد أن الذهنية اإلرهابية للنظام اإليراني لم تتغير بـاالتـفـاق الــنــووي، ولــن تتغير بـاتـفـاق آخــر إال إذا كتب بلغة الـــردع، ووجـــدت إرادة سياسية لتطبيق ذلــك، عدا ذلك ستستمر إيران في استخدام ورقة اإلرهاب، والقدرة على اإلضرار باملصالح األمنية للغرب، كورقة مفاوضات مدركة عدم وجود رغبة حقيقية في ردع ممارساتها. لـكـن اإلســــراع فــي الـبـحـث عــن أهـــداف غـربـيـة، هــو مؤشر أيــضــا عــلــى تــراجــع أهــمــيــة ورقــــة الــتــدخــات فــي الدول العربية، صحيح أن التراجع لن يكون كبيرا في دول مثل العراق، ذلك أن الجميع يعمل في السياسة هناك بينما إيران تلعب بلغة الدم. لكن األكـيـد أن تراجعا إيرانيا كبيرا يحدث فـي اليمن، وهــنــاك تــضــاد بــني الــبــقــاء فــي ســـوريـــة، وبـــني املصالح اإلســرائــيــلــيــة وحــقــيــقــة الـــوجـــود الــعــســكــري األمريكي، والـــذي فــي حقيقة األمـــر قـضـى عـلـى أحــد أهــم املشاريع اإلستراتيجية اإليرانية، التي استهدفت وصول الحدود اإليرانية إلى البحر األبيض املتوسط، عبر طريق يمتد من طهران، مرورا بمحافظة ديالى التي مارست طهران تغييرا ديموغرافيا فيها، ثم املوصل التي صنع فيها اإلرهــــاب وإخــــراج اإلرهــــاب فيها مــا صـنـع، ويـمـتـد هذا الطريق عبر األراضي السورية، وصوال إلى لبنان. املـؤشـرات االقتصادية اإليـرانـيـة فـي أســوأ أحوالها قبل بدء العقوبات على صادرات النفط اإليراني بعد حوالى ثاثة أسابيع، لكن دون إدراك من اإلدارة اإليرانية بأن العالم سيردع تصرفات إيران اإلرهابية، فلن يكون هناك حافز إيراني لتغيير السلوك، فمنذ 40 عاما وهذا النظام يقتل ويفجر في كل مكان ليحسن شروط التفاوض. * كاتب سعودي