التزوير اإلعالمي وسقوط األقنعة

ماذا يعني أن يزور أحدهم خبرا في مثابة تسريب أو سبق صحفي ثم يقوم بنسبه لصحيفة رسمية سعودية، ويكلف على نفسه كثيرا بفتح نـطـاق ودومـــني مـقـارب للدومني الـخـاص بـهـا، ثـم ينهال بنشر األخبار املكذوبة التي تحقق مـآربـه الخاصة، كــذب الكذبة ودعمها باألكاذيب حــتــى صــدقــهــا، وهـــو يـعـلـم انـــه يــكــذب وأن مــن يــقــرأه يـعـلـم بــأنــه يعلم بكذبه! واألدهــى أن تــزور جهة إعالمية باسمها الرسمي خبرا مكذوبا حتى تضطر إلى حذف محتواه بعد أن تكتشف بأنها كذبة يستعصي تمريرها، حتى اإلعــالم الغربي الــذي كنا نـراهـن على مهنيته وقــع في مستنقع هذه األخطاء. يدلل هذا السلوك على أن الحملة االتهامية والهجومية مجهزة ومنظمة مسبقا قبل الحادثة أو بالتزامن معها، واالتهامات ملفقة بشكل ناقص من االحترافية والذكاء، فالغباء املركب يعتريها من أول يوم بـدأت فيه األخبار عن اختفاء «جمال خاشقجي» وحتى اللحظة ال يوجد ما يصدقه العقل، إن كان في السيناريو أو في طريقة إخراجه، ربما يصل الحال إلى أن محتوى «فيلم هندي» قدم في الثمانينات أكثر إقناعا مما يحدث. تزوير األخبار بهدف تعزيز الهجمة غير املبررة من التصرفات الغبية والصبيانية العاجزة عن اإلقناع، التي ال تمت للمهنية اإلعالمية بصلة، أصبح الكذب وسيلة لجعل اإلعــالم أداة مدرجة ضمن أدوات الصراع، واإلعـــالم الــذي تـقـوده الالمسؤولية مـن جهة تعني انـعـدام ثقة املتلقي للمعلومة من جهة أخرى. ال يعني التزوير أن صاحبه يبحث عن الحقيقة وإنما هو فقط مشغول بتوجيه االتــهــامــات، والجميع يتحدث فــي احـتـرافـيـة إعـالمـنـا لدراسة الوضع الراهن وعمل خطة إستراتيجية إعالمية مضادة عالية الكفاءة، وإن كان ذلك مطلبا ويحقق نوعا من التطوير في مهنيتنا اإلعالمية، إال أن الحملة الـتـي تـوصـف بالشرسة والـتـي قـامـت ضـد اململكة ليست بمستوى التنظيم أو الكفاءة املطلوبة إذا كنا سنضع حجما ملستوى ما يطرح، ألن الــرد على األكـاذيـب والهجوم غير املبرر يستهلك الوقت والـجـهـد، وألنـنـا نـواجـه حملة تعصبية تتهم وتـهـاجـم ال تحترم عقل املتلقي وال تريد أن تسمع أو تصدق إال صوت نفسها، وعندما تكشف الحقائق سيعرف الجميع بأنها ليست هجمة شرسة بقدر ما أن الحراك في الشبكات االجتماعية أكبر منها، هي ليست أكثر من فقاعة مفرغة من القيمة واملوضوع، تبرر سوء النوايا والظنون وتكشف األقنعة.