روشتة لعالج «تاريخية» جدة
إلـــى أمـــن جـــدة، لــن أبـــدأ املقال بــــمــــدح أو تـــمـــلـــق، فـــلـــســـت من املـــتـــســـلـــقـــن أو املتحذلقن، ولكنك ستجدنا إن شاء الله من املحبن الصادقن الناصحن، ومـــــا شــجــعــنــي عـــلـــى الكتابة لــكــم، خــطــابــكــم الـــصـــادق الذي استمعنا إليه في ورشة العمل «الهوية الحضارة ملدينة جدة»، برعاية مستشار خادم الحرمن الــشــريــفــن أمـــيـــر مــنــطــقــة مكة املـكـرمـة األمـيـر خـالـد الفيصل، وبحضور محافظ جدة األمير مشعل بن ماجد، كانت كلماتك صــــادقــــة، شـــفـــافـــة أمـــيـــنـــة على الوطن ومكتسباته وأهله، جدة الـتـاريـخـيـة تـسـتـعـد الستقبال مالين من الـزوار، بعد اعتماد الــتــأشــيــرات السياحية قــــريــــبــــًا والــــســــمــــاح لـــــلـــــمـــــعـــــتـــــمـــــريـــــن بــــــــــــــتــــــــــــــمــــــــــــــديــــــــــــــد تــــــــأشــــــــيــــــــراتــــــــهــــــــم لـــلـــســـيـــاحـــة داخــــــل اململكة. ورغـــــــــــــــــــم أن املـــــنـــــطـــــقـــــة التاريخية صنفت كأحد مدن تــراث العالم لليونسكو، إال أن العاملن فيها مصرون على أن تبقى املنطقة مهملة، وكأنها ال تستحق االهتمام والرعاية والــدعــم، رغــم ثرائها وقيمتها التاريخية والعمرانية، فجدة الــــتــــاريــــخــــيــــة عــــــجــــــوز، وكما وصـــفـــهـــا مــعــالــيــكــم ألبسوها ثـــوبـــا مـــرقـــعـــا شـــــوه جمالها، ولـــــأســـــف كـــــــان عــــالجــــهــــا في السابق عـبـارة عـن «إبــر بنج»، لـتـخـدر املـشـكـلـة ولــيــس دراسة املشكلة وتـحـديـدهـا ثــم العمل عــلــى حـلـهـا جـــذريـــا، ودعوني أصـــحـــبـــكـــم فــــي جــــولــــة لصور الـــتـــشـــوه املـــؤلـــم الــــــذي تعيشه املنطقة التاريخية منها على سبيل املثال: وقــــوف الـــســـيـــارات أمــــام بوابة املنطقة الـتـاريـخـيـة، فـي منظر مخجل، وعندما ترغب بالتقاط صــور تـذكـاريـة ال يشوهها إال السيارات الواقفة أمام البوابة، وتعكس شكال مستهترا لبلدية التاريخية ويستخدمها عمال النظافة كنقطة انتظار وتبديل النوبات أمام الضيوف والزوار، كـــمـــا أن حـــــاويـــــات النفايات مــهــمــلــة ومـــفـــتـــوحـــة بطريقة مقززة، تنبعث منها الحشرات والـــروائـــح الــكــريــهــة، فصممت تلك الحاويات بطريقة عجيبة بــــال أغــــطــــيــــة، إضــــافــــة إلــــــى أن املـــنـــطـــقـــة الـــتـــاريـــخـــيـــة تفتقد لـــــــدورات مـــيـــاه، وســــــواء داخل الــحــارات أو األســـواق، ويعاني زوار التاريخية من عدم توافر مقاعد للجلوس، مـا يضاعف معاناتهم خصوصا كبار السن والنساء. وتنتشر في شوارع التاريخية أســـــالك الــكــهــربــاء والهواتف املـكـشـوفـة الــتــي تـشـكـل خطرا على املنطقة، وتهدد بإشعال الــحــرائــق، وكــيــابــل الكهرباء الـعـاريـة تتدلى فـي شوارعها بطريقة بدائية ومرعبة، وهي تـــحـــتـــاج مليزانيات ضـــــــــــــــــخـــــــــــــــــمـــــــــــــــــة لــــصــــيــــانــــتــــهــــا، ويــبــدو أن ذلك لـــــــــــن يــــتــــحــــقــــق قـــــــريـــــــبـــــــا، ومــــــن املــظــاهــر السلبية في التاريخية انتشار عــــــمــــــال الـــــنـــــظـــــافـــــة بلبسهم املـــهـــتـــرئ وأحـــذتـــهـــم البالية غير املطابقة ملواصفات عمال الـــنـــظـــافـــة املــــطــــلــــوبــــة، فضال عــن أســلــوب الــتــســول العلني املحرج للزوار واملتسوقن في التاريخية. معالي األمــن، ولـن أحدثك عن مستوى اإلهـمـال الــذي تشهده بــــيــــوت املـــنـــطـــقـــة التاريخية، ومـبـانـيـهـا الــتــي ظـلـت شامخة مئات السنن والـيـوم تتساقط واحدا تلو اآلخر، والكل يشاهد وال يحرك ساكنا، أملنا أن تبدأ الهيئة املختصة بالتاريخية عملها وتـنـقـذ الـبـقـيـة الباقية بالتعاون مع األمانة. جـــــــدة املــــديــــنــــة الـــــتـــــي تحظى بــــاهــــتــــمــــام الــــــــدولــــــــة، تحتاج منطقتها التاريخية مزيدًا من الرعاية، وفي ظل رؤية اململكة 2030 ال مكان للسكوت والكسل فهو زمن العمل واإلبداع ونحن نــأمــل ونــتــرقــب الــكــثــيــر، فجدة تـسـتـحـق كــثــيــرا مــن اإلخالص والتطوير، خصوصا منطقتها التاريخية.