توقيع الثقة الوهمية

معظم الشركات -بعيدا عن كلمة كل- التيّ تتعامل مع الجمهور والعماء العاديني من أفراد املجتمع، توثق تعاماتها بعقود؛ مثل: عقد إيجار سيارة أو شرائها بالتقسيط، أو عقد قرض من البنك أو بطاقة ائتمان.. وما إلى ذلك من تعامات. هذه العقود في حقيقتها تصب في مصلحة الشركة أو املؤسسة، بـحـيـث تـخـلـي مـسـؤولـيـاتـهـا مــن أي الــتــزامــات الحــقــة. وهذا منطقي، فتلك الـعـقـود تكتبها جـهـات قانونية متخصصة تابعة للشركة أو املؤسسة -أو على األقـل تدفع هي قيمتها-. بالتالي، تستخدم مخارج ومداخل القانون لنصرة الشركة على حساب العميل. طريقة تقديم العقود لتوقيعها أيضا مضللة، فهي تتم في بيئة مـن العجلة واالزدحـــام حتى ال يفكر (الـطـرف الثاني)؛ وهــو الـفـرد الــعــادي، فـي قــراءتــهــا.. صفحات طويلة مكتوبة بخط صغير جدا ال يحفز على القراءة أصـا. إضافة إلى أن من يقدم العقد ال يطلب من الطرف الثاني قراءته.. فقط: (وقع هـنـا.. وهـنـا.. وهـنـا). كـل ذلــك مقصود. فلو قــرأ أي فــرد راشد بالغ يتمتع بكامل قواه العقلية تلك العقود، ملا وقع على أي منها. عــنــدمــا يــحــدث أي خــلــل أو مــشــكــل أو حــــادث ال ســمــح الله، ويــتــقــدم (الــطــرف الثاني/ الـعـمـيـل) بـشـكـوى أو حـتـى رجاء للشركة.. عندها فقط يتم لفت نظره إلى أحد البنود في وسط الصفحات الطويلة التي وقـع عليها بأنه (موافق على عدم مـطـالـبـة الــطــرف األول بـــأي تـعـويـض عــن خـلـل أو مـشـكـل أو حادث..). بالتأكيد، يوجد كثير ممن وقعوا ضحية مثل هذه العقود. وحــســب الــنــظــام.. الــطــرف الــثــانــي (وقـــــع) عـلـى الـعـقـد بكامل بنوده. يروي أحد اآلبـاء بأنه اشترى قطعة أثاث (دوالب) من شركة عــاملــيــة لــهــا فـــــروع فـــي جــــــدة.. واشـــتـــرى مــنــهــم أيــضــا خدمة التركيب. وبعد االنتهاء من التركيب (وقع) على االستام بأن (تم التركيب كاما). ولكن في الحقيقة لم يكن كاما. فقد كان من املفترض تثبيت الدوالب في الجدار. وهذا لم يحدث. فوقع الــــدوالب على رأس ابــنــه.. وانـتـهـى الــحــدث بما يـزيـد على 5 غرز في املستشفى. عندما تقدم هذا األب بشكوى، ظهر العقد (التركيب كامل) وعليه توقيعه. وذهب دم ابنه هدرا. الجهات املعنية حاليا تعمل جاهدة لحماية املستهلك، وهي تحقق تقدما كبيرا فــي توعية الــفــرد بحقوقه. مــن املـهـم أن تضع تلك الجهات شرطا أساسيا على الشركات واملؤسسات وأي جهة رسمية.. بـأن تفسر للفرد الـعـادي بنود العقد.. ما له وما عليه قبل التوقيع. أو تشترط قراءة العقد من الطرف الثاني لالتزام ببنوده. ليصبح (التوقيع دون قـراءة العقد ليس ملزما للطرف الثاني).