خطاب أردوغان وخيبة املتجمهرين
ليس لدي أدنى شك أن قلة من العالم الغربي مهتم بقضية خاشقجي بسبب قيمه األخالقية. وإن كانت املسألة تدفع بهذا االتجاه. ألنه اليعقل أنهم الينظرون لنا منذ البداية كدولة غير ديمقراطية تحكم بـاإلعـدام وتمارس الجلد وقطع اليد.. إلـخ مقوالتهم املعروفة وهؤالء غالبا يرفضون حربنا على الحوثي.. فكيف يستقيم أنهم تركوا كل هذه الـخـروقـات التي تمارسها السعودية ضـد مبادئهم وراحـــوا يتباكون على مقتل رجل واحد. ومنذ أول يوم وقبل أن تكشف التحقيقات تورط قنصليتنا في األمر! هذه ازدواجية كبيرة إن لم نقل تزييفا أخالقيا. في ظني أن أهم مسألة تسببت في حصول تغطية إعالمية كبيرة ملقتل خاشقجي -رحمه الله- هو أن قصص الصحافة وحرية الصحافة تعتبر مهمة جـدا لـدى الصحفيني ولديهم مـؤشـرات سنوية وهـم حريصون جدا على تحديثه وتناول االنتهاكات حول العالم. وهذا ما جعل الصحافة تحافظ على أهمية هذه القضية بحيث يطرح الصحفيون سؤالهم على السياسيني حـول قضية خاشقجي بإلحاح واستمرار حتى يحصلوا على ردود مناسبة وترضيهم. فمثال حــني سـئـل تـرمـب أول مــرة عــن قضية اخـتـفـاء خاشقجي أجاب كعادته برأيه الشخصي حني أكد على الصفقات املتبادلة بيننا وبني أمريكا ولم يظهر اهتماما كبيرا بشخص مختف ولعله مقتول. لكن بعد ذلــك بـيـوم ويـومــني وتـحـت ضغط أسئلة الصحفيني أصبح تــرمــب يــجــيــب أجـــوبـــة مــنــاســبــة ملـــا يـــريـــدون ســمــاعــه فــيــقــول مــثــال إن السعودية ستواجه عقوبات وكثير من الكلمات حول التعامل مع هذا األمر على محمل الجد. طبعا الكلمات مجرد كلمات وال تعني الكثير على مستوى الفعل. وهـذه الخصلة في ترمب يستعملها خصومه ضده طـوال الوقت فهم يعلمون أنــه سيقول رأيــه الشخصي فـي أول األمــر ثـم يقوضه بالرأي السياسي الذي يجب أن يقوله رئيس أمريكا راعية القيم الديمقراطية واألخالقية أو هي أمريكا شرطية العالم. فهذه أحد أسباب التصعيد اإلعالمي للقضية: قصص حرية الصحافة تلقى رواجـــا واهـتـمـامـا بــني الصحفيني، ومـحـاولـة إحـــراج تـرمـب من خصومه السياسيني على اعتبار أنه حليف للسعوديني. الــســبــب الــثــالــث: طــمــع تــركــيــا ومـــشـــروع اإلخــــــوان فــي املـنـطـقـة لريادة العالم اإلسالمي عبر تشويه صورة اململكة. على أمل أن يقاطع العالم اإلسالمي اململكة ويلتف حول تركيا العثمانية. وتسبب ذلك في تزوير مصادر وتزييف أخبار وتلويح بأن كلمة أردوغــان التي ألقاها أمس الثالثاء ستكشف حقائق عن مقتل خاشقجي، لكن الكلمة في الحقيقة بـــدأت بــإنــجــازات محلية قــام بـهـا أردوغــــان كـافـتـتـاح ملعب وحضور مباراة ثم تناول حادثة مقتل خاشقجي بتفصيل ممل مكررا الرواية السعودية ال أكثر. وقدم مجموعة من األسئلة التي كان الجميع ينتظر منه إجابتها. وخاب مسعى املتجمهرين.