إراقة ماء الوجه

سبحان من كـرم بني آدم وحملهم في البر والبحر، سبحان من جعل ماء الوجه أغلى مـــن الـــذهـــب واألملــــــاس والـــجـــوهـــر، حياتنا مليئة باملتناقضات والغرائب، لكن أكثرنا يتفق على أن مــاء وجــه اإلنــســان أغـلـى من الجواهر فال قيمة لإلنسان دون كرامة، وال معنى لوجوده إن أريقت كرامته. في خضم معترك الحياة وتعرض الناس لــلــصــعــوبــات تــجــد بــعــضــهــم يــتــنــاســى أو ينسى فــأي نفس هــذه التي تفقد كرامتها نظير متاع زائف ومال تالف؟ إن من خسر ماء وجهه سيسهل عليه خسارة أي شيء.. تأمل قول الشاعر: صن النفس واحملها على ما يزينهــا

تعش ساملا والقول فيك جميـــــــل وال تولني الناس إال تجمـــــــــــــــــال

نبا بك دهر أو جفاك وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد

عسى نكبات الدهر عنك تــــــزول فتذكر يا مـن أسلت مـاء وجهك بـأن الدنيا تضيق على الجميع، وأن غيرك قـد قاسى أكــثــر مـنـك بــل أن شـعـوبـا كـامـلـة حوصرت وقبائل كثيرة قوتلت فما وهنت، ولعل في حصار بني هاشم في شعب أبي طالب خير دلـيـل عـلـى املــــروءة فـقـد حـوصـر مــع النبي مـحـمـد صــلــى الــلــه عـلـيـه و ســلــم مسلمون كـــثـــيـــرون وبـــعـــض املـــشـــركـــني مــــن أقربائه –منهم عمه أبو طالب – ثالث سنني ولكنهم ثبتوا وصبروا حتى جاء فرج الله و أكلت الحشرة وثيقة الحصار. الـدنـيـا ضيقة صـغـيـرة وال تطيب ملؤمن، لـكـن الـصـبـر عـلـى الــشــدائــد هــي مــن أفضل شيم املؤمن، تذكر أن الوقت بيد الله يفرجه عــلــى مـــن يـــشـــاء، تــذكــر أن املــــال أيــضــا مال خليــــــــــل الله و سيأتيك بكرامة إن أراد الله تعالى وصــبــرت، تــذكــر مـعـي قـــول الــشــاعــر عنترة وهو جاهلي: ال تـسـقـنـي مـــــاء الــحــيــاِة بذلٍة

بل فاسقني بالعز كأس الحنظل ومــــن أعــجــب الــعــجــب أن تــجــد رجــــال قويا يـتـذرع بحجج واهـيـة فـي سبيل الحصول على بضع رياالت من هنا أو هناك، فلماذا ال تتوجه بالدعاء إلى الله تعالى فهو الجواد الكريم املعطي الوهاب؟ هو من يزيل فقرك ويلبي حاجتك ويحفظ لك كرامتك. تذكر أن من أعطى غيرك سيعطيك، فاطلب حــاجــتــك مــنــه مــبــاشــرة فــالــلــه تــعــالــى أقرب إلينا من حبل الوريد اطلب منه سيعطيك املزيد..

لــعــلــنــي أتــــــســــــاءل: هــــل مــــن يـــفـــقـــدون ماء وجـــوهـــهـــم عـــلـــى الــــنــــاس لــلــحــصــول على الــرزق؟ أنا ال أسـوق هذه األسئلة جزافا بل عن تفكير، فالنفس السليمة تأبى الذلة و مـن يقبلها البــد و أن لديه مــرض نفسي و إن كان مخفيا، و لعلي أجـزم بأن من يكثر الــتــذمــر و الــشــكــوى كـيـف يـقـبـل دائــمــا بأن يكون األدنى؟

خــتــامــا رســـالـــتـــي هـــي لـــأصـــحـــاء نفسيا لكم أنـتـم يـا مـن تنخدعون بـهـؤالء خاصة بالفئة الثالثة الذين يستترون خلف ستار الصدقات والــزكــاة..أقــول: كلنا نطلب رضا الــلــه تــعــالــى وكــلــنــا نــحــب الــتــصــدق باملال والحاجيات وكلنا بحمد الله نخرج زكاة لــكــن فــلــنــبــحــث بــحــق عــمــن يــســتــحــق هذه املساعدة وال نضيعها ونضعها في يد من فقدوا ماء وجوههم. المنورة: )014( 8455353 تبوك: )014( 425371 )014( 4239826 فاكس )014( 4221556 )017( 2281253