ملاذا يهاجمون السعودية
في بـالد العرب أوطـانـي، يكثر القيل والـقـال، وكأن الـــعـــرب لـــم تــرهــقــهــم كـــل هــــذه األزمـــــــات، ومــــا زالوا يـدورون في فلك من املجهول، نبدع في شحذ همم الطاقة السلبية، ونسدل ستارا أسود على كل بارقة أمل تشع على املنطقة، ندرك أن الحقيقة إيجابية فنلتف مطوال في ميادين من الحيرة والتيه نبحث عن نقد للحقيقة، ونوهم أنفسنا أن مؤامرة تحاك ضد عروبتنا العاجزة عن فهم الذات، وما زلنا نغرد حيث سار السرب حتى لو كانت طريقه إلى خالص مهلك. في األيام املاضية طالت لغة الكالم، وتحولت إلى هجوم ممنهج على اململكة العربية السعودية، ومارس البعض ولألسف العربي، دور املـحـقـق «كـــونـــان» لـيـس بـحـثـا عــن الـحـقـيـقـة، وإنــمــا خدمة ملصالح «فالن وعالن»، بينما انجر كثيرون وراء إعالم كرس الهم كله إلدانــة اململكة بـأي طريقة، لغاية في نفوس كثيرة، ال تريد للمملكة كل هذا الحضور. ســـؤال مــشــروع يقفز بــال اسـتـئـذان أمـامـنـا جميعا، ملـــاذا كــل هذا الـهـجـوم على الـسـعـوديـة؟ وملـــاذا ينزعج البعض مـن حضورها العاملي على الساحة الدولية، وهـي الجزئية التي أود الحديث عنها بعيدا عن إنـجـازات خـادم الحرمني الشريفني وولـي عهده في ما يتعلق بالشأن الداخلي والتي أحدثت نقلة ال خجل إن قلنا تاريخية في السعودية. قـبـل أيـــام طـالـعـتـنـا صحيفة هــآرتــس الـعـبـريـة بـخـبـر مــفــاده أن مشرعني فـي الكونغرس األمـريـكـي قـدمـوا مـشـروع قـانـون يدعو البيت األبـيـض للكشف عـن كيفية تأثير بيع الــواليــات املتحدة األمــريــكــيــة ملــفــاعــالت نــوويــة لـلـسـعـوديـة عـلـى املــصــالــح األمنية للحلفاء اإلقليميني مثل «إسرائيل». وأوضحت الصحيفة أن املشرعني يطالبون إدارة الرئيس دونالد تــرمــب، بتقديم تـقـريـر مفصل إلــى الـكـونـغـرس حــول طموحات السعودية، محذرين من أن سعي اململكة المتالك قدرات نووية قد يؤدي إلى سباق تسلح في الشرق األوسط. هـــذه املــطــالــب جـــاءت بـعـدمـا أعـلـنـت الـسـعـوديـة نيتها بــنــاء 16 مفاعال نوويا خالل السنوات القليلة القادمة لتوفير احتياجات الطاقة املـتـزايـدة، ورغــم أن السعوديني قـدمـوا املـشـروع على أنه مشروع سلمي مدني، إال أن ولي العهد السعودي األمير محمد بن سلمان، قال في مقابلة في مارس املاضي، إنه إذا حصلت إيران على أسلحة نووية فإن بالده ستحصل عليها أيضًا. مـا سبق ليس إال مـثـاال على مــبــررات الـهـجـوم املنظم مـن قبل بـعـض الــــدول ضــد الــســعــوديــة الــتــي نـجـحـت أيــضــا فــي قيادة الـعـاملـني الـعـربـي واإلســالمــي، وهــو مـا لـم يــرض البعض الذي يريد أن يلعب بنفسه هذا الدور. لـم تعد دول العالم العظمى تنظر إلــى اململكة على أنـهـا بلد مــصــدرة لـلـنـفـط وحــســب، بــل دولــــة اسـتـطـاعـت احــتــالل مكانة مــتــمــيــزة بـــني الـــكـــبـــار خـــاصـــة بــعــد رفــضــهــا بـــالـــقـــول والفعل لـلـطـمـوحـات اإليــرانــيــة فــي الـخـلـيـج الــعــربــي ومـنـطـقـة الشرق األوسـط ككل، بل وخاضت حربا ضد املتمردين الحوثيني في اليمن لـهـذا الــغــرض، وكــان لها أدوار ومــواقــف مـن التدخالت اإليرانية في لبنان وسوريا. من املؤكد أن السعودية ومـن خـالل قيادتها للعالم اإلسالمي ال تبحث عن طموحات شخصية بل لكونها تمتلك املقومات الكاملة التي تمنحها هـذا الــدور وإن كانت البداية من العالم الديني، فالنهاية ال تقتصر على دورها وقدرتها على إحباط كم هائل من املؤامرات التي تحيط بالعاملني العربي واإلسالمي، بل تتعداها إلى قدرات وإمكانيات تستطيع اململكة من خاللها تحقيق طموحات العاملني العربي واإلسالمي بواقع أفضل. تتعاطى السعودية اليوم مع كافة امللفات املحيطة باالنحياز املطلق للعقل والحكمة واإلمكانيات، وهذا ينطبق على الشأن الداخلي والخارجي. مختصر الكالم أن السعودية تصنع تاريخا جديدا لألمة، وهو ما يقلق البعض الذي يريد لهذه األمة الخنوع الدائم، وتحقيق مصالح ضيقة على حساب عالم عربي يئس من كل الويالت.