بني شوارعنا ومدارس القيادة
يتعلم الــنــاس جـــزءا كبيرا مــن املنهجيات واألســس في قواعد السير وقيادة السيارة الــــتــــي هــــي مـــحـــصـــورة فــــي عــــالــــم املــــيــــدان الــتــدريــبــي والــتــعــلــيــمــي ملــــــدارس القيادة، والكثير منها ال يطبق عمليا، فالشوارع هــي املـــدرســـة املــيــدانــيــة الـحـقـيـقـيـة لتعليم قيادة السيارة ولها املنهجية املختلفة عن واقع األسس التي تبنى عليها فكرة التعليم من األساس. الـكـثـيـر مـنـا يــخــرج لــلــشــارع بــســيــارتــه، وال مـــبـــالـــغـــة فــــي الــــقــــول إن الـــوضـــعـــيـــة التي تعتري حالته في جل الوقت هي وضعية «االســـتـــعـــداد» الــتــي تـتـطـلـب مــنــه أن يكون مـتـأهـبـا لـتـالفـي املــواقــف املــفــاجــئــة، والتي هــــي نــتــيــجــة عــــن ســــــوء تــطــبــيــق القواعد وعـــدم االلـــتـــزام بــقــواعــد الــســيــر، واالعتقاد بأن الشارع مكان عام في وسعه استيعاب السائق النظامي أو املتهور أو الالمبالي بنفس املستوى من األهلية والكفاءة. هناك الكثير مـن اإلجــــراءات والتطبيقات الــتــي يـتـخـذهـا املـــــرور ونــــرى فـيـهـا القوة والــحــزم فــي الـتـعـامـل مــع املــخــالــفــات، لكن املنهج التربوي السليم والثقافة القانونية تـنـقـصـهـا فـــي واقــــع األمـــــر، فـــي حـــني أنها لــم تـجـعـل شــوارعــنــا مــنــاخــا آمــنــا بالقدر الــكــافــي، وبــرغــم كــل ذلــك إال أن املتهورين مـازالـوا يصادفوننا في كل مـرة وتمضي حـيـاتـهـم فــي أذيـــة الــنــاس وإربـــــاك السير، ومن ذلك فال بد من إيجاد الدقة والتنظيم الذي يفرض شخصيته النظامية وهيبته الــقــانــونــيــة، وتــطــبــيــقــه بــكــل الـــطـــرق التي تجعل لـرجـل املـــرور جـــزءا فــي املـكـانـة من هـذه القيمة، فالكثير مـن الــدول تحضرت بإصالح العثرات التي كانت تعاني منها، وأبناؤنا في تلك الدول يقودون سياراتهم هــنــاك بـمـا تـفـرضـه عـلـيـهـم تـلـك الصورة، ولـيـس صعبا أن يـكـونـوا فــي بـلـدهـم كما هم متقيدون ونظاميون هناك، ألن الثقافة القانونية مبادئ وقيم بصرف النظر عن مكان البيئة.