Okaz

عن املدارس العاملية

-

ما من أمة تقدمت إال وارتكزت على التعليم والتحديث املستمر له، لضمان التقدم العلمي دون توقف، وتلك هي طبيعة السباق في أكثر الدول تقدما، والتي تـدرك أن قيمة العلم تكمن في قدرته على تطوير العقل والقدرات في قاعات العلم ومراكز األبحاث وميادين العمل. باختصار االستثمار في بناء اإلنسان علما وقدرة وقيما. بالدنا تشهد مرحلة التهيئة النطالقة صحيحة، بدأتها بمواجهة تراكمات مـن الـتـحـديـ­ات، لخصتها الــــوزار­ة نفسها فـي عــدة نـقـاط أبــرزهــا: ضعف البنية التعليمية املحفزة على اإلبداع واالبتكار، وضعف مهارات التفكير الناقد لدى الطالب، إضافة إلى تدني جودة املناهج واالعتماد على طرق تدريس تقليدية، والحاجة إلـى رفـع مـهـارات الـتـدريـس.. وتشهد الوزارة حاليا حراكا غير عادي للتحول الوطني في قطاع التعليم للوصول به إلى األهداف املنشودة، خاصة وأن نحو 35 % من سكان اململكة يشكلون الفئة العمرية للتعليم العام والجامعي، وبالتالي هي قضية بناء أجيال تشكل مستقبل املجتمع. لقد اعتدنا على النظر للعملية التربوية على أنها تنحصر في الجانب األخــالقـ­ـي دون قـيـم الـعـلـم والــعــمـ­ـل، فــي الــوقــت الـــذي ظـلـت فـيـه املناهج ولعقود طويلة أيضا قائمة على النقل والتلقني ال التفكير والتطبيق، فظهرت ثغرات وفجوات بني التعليم العام والتعليم الجامعي والعالي، الـذي بــدوره طغت عليه التخصصات النظرية، بينما شهد سوق العمل تحوالت متسارعة ليكشف بدوره حجم الفجوة الكبيرة مع التعليم بكافة مراحله، مما ضاعف أعباء الـوزارة حاليا لتحقيق االنضباط في النظام التعليمي، وإعــادة مفهوم صياغة املـدرسـة كمؤسسة تعليمية وتربوية تصقل املواهب وتــزود باملهارات وروح التحدي وإتقان العمل، وبنفس القدر أعباء وزارة العمل للتأهيل ومواءمة التوظيف، خاصة وأن خطط التطوير بـدأت منذ سنوات، وقدمت نماذج للمدرسة الجديدة من حيث املناهج التطبيقية وتأهيل املعلمني، لكن بعد هذه السنوات البد من تقييم ما تحقق على أرض الواقع. وإذا كان الحديث عن تطور التعليم يأخذنا إلى قطاع املدارس الحكومية باعتبارها الجسد األساسي للمنظومة، فماذا عن قطاع التعليم األهلي وتحديدا املدارس العاملية في اململكة والتي يزيد عددها على ألفي مدرسة، تطبق مناهج أجنبية يقبل عليها كثير مــن الـسـعـودي­ـني، ألنـهـا تدرس مناهج أمريكية وبريطانية وغيرها من املناهج املتقدمة، ويرغب هؤالء املواطنون فيها لرفع قدرات أبنائهم من البنني والبنات من خالل املناهج التطبيقية ومستوى اللغات األجنبية، وبالفعل الكثير من هذه املدارس تلبي الجودة وتحقق لخريجيها وخريجاتها مستوى جيدا من التوافق مع التعليم الجامعي داخل اململكة وخارجها. من هنا شهد التعليم األجنبي في اململكة توسعا نتيجة تزايد االستثمارا­ت من جانب القطاع الخاص في هذه املشاريع، لتلبية اإلقبال من السعوديني وشرائح من املقيمني، وأمام ذلك البد من تقييم التجربة واملسار التعليمي لــلــمــد­ارس الـعـاملـي­ـة لـتـكـون إضــافــة نـوعـيـة حقيقية للتعليم فــي اململكة، خاصة أنها توفر ما ال توفره املدارس الحكومية من حيث التركيز مبكرا على اللغات واملناهج التطبيقية، لكن من املهم تقييم واقع تلك املدارس لرصد مجمل نقاط القوة والضعف ومدى انضباط املسار التعليمي لها وعدم املبالغة في الرسوم الدراسية. إلى جانب ذلك وألهمية قطاع املدارس العاملية لعدد كبير من السعوديني، فإنه من الضروري أيضا تقييم مدى مواء مة بعض املقررات خاصة اللغة العربية واملواد اإلسالمية مع متطلبات الهوية الوطنية للمملكة والثقافة املغذية لها، دون تسطيح والعشوائية وال تفريط.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia