في «مجرى» الفيضانات

معاناة تلو أخــرى، تـأزم موقف دويلة قطر في ملف استضافتها كأس العالم ،2022 إذ دخلت األمطار ضمن العوائق التي تعصف باملونديال، بعد حقوق العاملني وظــروف إقامتهم، وصــوال إلى احتماالت تأثير األزمة الدبلوماسية الخليجية على التحضيرات القطرية لالستضافة. وتواجه «الدويلة» العديد من املشكالت في السنوات الثماني التي انقضت منذ فوزها بالتنظيم، صاحبتها سلسلة انتقادات حادة، إال أن مشكلة جديدة كانت على األرجـح أقل ما يشغل بال اللجنة املنظمة متمثلة في األمطار. وطـرحـت فيضانات األمــطــار الـغـزيـرة الـتـي هطلت هــذا األسبوع، وفاضت كميتها في يوم واحد عن الكمية اإلجمالية للمتساقطات خـالل عـام، السؤال حـول قـدرة البنى التحتية لقطر على التعامل مع ظروف مناخية مماثلة، علما بأن غالبيتها تشيد الستضافة املونديال. وأدت الظروف املناخية وتساقط األمطار في 20 أكتوبر الجاري إلـــى عــرقــلــة حــركــة الــســيــر فــي مـعـظـم الـــطـــرق، وفــاضــت املــيــاه في األنفاق، الجامعات، املدارس، العيادات، السفارات واملكتبة الوطنية الــجــديــدة، وأقـفـلـت بـعـض املــحــالت أليـــام عـــدة، بـعـد تـسـاقـط كمية كبيرة قـدرت بــ48 ملم، فيما بلغت في املدينة التعليمية الواقعة في ضواحي الـدوحـة حيث موقع أحـد املالعب املضيفة ملونديال 98 ,2022 ملم. ويعتبر متوسط هـطـول األمــطــار فــي قطر طــوال الـعـالـم 77 ملم، وال يتجاوز في شهر أكتوبر 1.1 ملم، فيما أفــادت لجنة طوارئ األمطار التابعة لوزارة البلدية والبيئة، أنه تم سحب 287 مليون غالون من املياه في األيام األخيرة. وأظهرت صور وأشرطة نشرت على مواقع التواصل االجتماعي، املــيــاه جــاريــة عـلـى سـاللـم داخـــل األبــنــيــة، فــي حــني غـمـرت مواقف السيارات، حتى أن البعض لم يتردد في استعمال الدراجات املائية «جيت سكي» على الطرق العامة بدال من السيارات. ومــن أبـــرز الــصــور تـلـك الــتــي نــشــرت مللعب فــي الــدوحــة (مــن غير املـالعـب املضيفة للنهائيات)، وهــو أشبه ببحيرة بعدما غمرته املياه، كما تسببت الظروف املناخية بمشكالت كبرى في تصريف كميات املياه.

ظروف قاسية في زمن املونديال

وال شك أن الظروف املناخية كانت قاسية على قطر، إال أنها ليست األولى من نوعها في األعوام األخيرة، في دولة تنفق 500 مليون دوالر أسبوعيا ضمن تحضيرات تنظيم كأس العالم، ففي نوفمبر ،2015 فتح تحقيق بعدما كشف الهطول الغزيز لألمطار عيوب بعض أعـمـال البناء وورش اإلنــشــاءات، ومنها فـي إسـتـاد خليفة الدولي املضيف ملباريات املونديال، كما ضربت قطر عاصفة كبرى أخرى في العام التالي. وكــانــت فـيـضـانـات الــعــام الـحـالـي، الـثـالـثـة فــي آخــر أربـــع سنوات، وضربت في الفترة الزمنية تقريبا التي ستقام فيها كأس العالم .2022 وكــان االتـحـاد الـدولـي لكرة الـقـدم (فيفا) قـد قــرر إقـامـة املونديال القطري بدال من موعده املعتاد في يونيو ويوليو، إلى الفترة من 21 نوفمبر إلى 18 ديسمبر ،2022 وذلك بسبب الحرارة املرتفعة التي تتخطى 40 درجة مئوية في فصل الصيف. وعلى رغم من تشييد قطار أنفاق (مترو) لتسهيل انتقال املشجعني خالل املونديال، إال أن الظروف املناخية املماثلة في حال تكررت إبان النهائيات، قد تشهد تأخير انطالقها أو تأجيل موعدها.

أحد المالعب في قطر وقد غمرته مياه األمطار.