قيادة وشعب

الشخصيات املؤثرة في التاريخ استثناء وليست قاعدة، واألمـة العربية شأن بقية األمم لطاملا دخلت أزمات، ومّرت بصعوبات، ووقعت في مآزق، وظـلـت عـقـودًا تنتظر قائدها امللهم الــذي يخرج بها مـن غياهب الحيرة والــتــردد وتجزئة املـواقـف وتشتت األفـكـار وتبعثر الجهود إلــى وضوح الرؤية، وتوحيد الغاية، وتوفير املعرفة، وتوثيق الصلة بالناس. لم يكن حضور القائد امللهم من البدهيات املألوفة، ألنه أشبه باملنقذ النادر الذي يحضر في األوقات الحرجة، فيسلب ألباب من انتظروه بما يملك من مؤهالت ال تتوفر لغيره، بدءا من كاريزما القبول والهيبة وليس انتهاء بتحقيق األهــداف املعدة مسبقًا، مـرورًا بحديثه بلغة واضحة غير قابلة للتأويل. بعض الزعامات العربية لم تحقق مآربها كونها تلقفت فلسفات نظرية مجنحة في فضاء متخيل تعذر عليها إنزاله للواقع، وتعثرت مشاريع إصالحية كـون القائد لم يؤمن بتأثير الحضارات والثقافات وتأثرها، ولم يستفد من دروس التاريخ، فوقع في الخلط بني الرؤى وبني الخطط، وبني األهداف القومية املستحيلة والغايات الوطنية املمكنة، وانحرفت به النرجسية عن تحقيق طموحات شعبه فتجاوزه الزمن إلى غيره. نعيش منذ عامني ونعايش شخصية وطنية تمتلك مـهـارات التواصل الجيد، والــقــدرة على التعبير عـن أحالمنا وأهـدافـنـا املـشـروعـة. مستمع نــوعــي، ومــتــحــدث لــبــق، ولـــه خـصـائـص تـؤهـلـه لــجــذب واســتــقــطــاب والء وانتماء فريق عمله، ما يرتقي بقدراتهم ليكونوا بمستوى تطلعاته في حسن اإلدارة والتنظيم. ربـمـا يستكثر الـبـعـض علينا أن يـكـون ســعــودي زعـيـمـًا وقــائــدًا يـشـار له بالبنان، ويحيي فينا روح االعــتــداد بــالــذات، والثقة بالنفس، وتجديد الـدمـاء، وإحــداث حـراك ينقل البالد والعباد نقالت نوعية، بحجم وقامة ولـي العهد األمير محمد بن سلمان ابـن جزيرة العرب التي ألـفـت تقديم نماذج خالدة من قيادات ال تخون وال تغدر وال تخاتل وال تنكث. محمد بن سلمان أدخلنا معه في شراكة وطنية، وأوقفنا معه على األرض الصلبة، ورسـم لنا الجسر الـذي يلزم أن نعبر من خالله إلـى الحياة، لذا فـإنـه قـائـد حــي يبعث روح األمــل مــجــددًا، ومــن هــذا شـأنـه سيكون أعرف الناس بمعدن شعبه وقدراته.