هل أضاعت التجارة مشيتها؟
خــطــوات اإلصــــاح والــتــحــول إلـــى األفــضــل سـتـشـمـل، بـــإذن الــلــه، القضاء على سلوك وزاري سلبي عانينا منه كثيرا، وهـو تغير مواقف أساسية للوزارة مع تغير الوزير، وهذا يحدث إرباكا كبيرا وتوجسا وربما توقفا يتنافى مع استمرارية وساسة العمل املؤسساتي، وعندما يتعلق األمر بــــوزارة خـدمـيـة أو ذات عــاقــة بمصالح املــواطــن أو حـقـوقـه، مـثـل وزارة التجارة واالستثمار، فـإن التراجع عن بعض املواقف الجادة خاصة في مجال حماية املستهلك يحدث شعورًا بالخذالن لـدى املستهلك وشعورا باالستقواء لدى التاجر، وليس أسوأ من الشعور بالخذالن بعد دعم، وال الضعف بعد قوة، إال الشعور باالستفراد بعد رقابة واالنفات بعد تحكم. وزارة التجارة تخلت مؤخرا عن معالجة الخافات التعاقدية، التي كانت تتولى أمرها بحكم التخصص وإملـام مستشاريها القانونيني باألنظمة والــقــوانــني وثــغــرات الـتـحـايـل عليها ونــظــم وقــوانــني الـــدول املـتـقـدمـة في املــواقــف املشابهة ومـعـانـاة املستهلك فيها بحكم خـبـرة أطـــول وتجارب أكثر، ومـن أهـم الخافات التعاقدية التي تخلت عنها الــوزارة الخافات الــتــعــاقــديــة بــني املـسـتـهـلـك ووكـــــاء الـــســـيـــارات، فــأصــبــحــت تـعـتـبـرهـا من اختصاص املحاكم، وتتخلى عن مساندة املستهلك في مخالفات الوكيل فــي قــضــايــا ضــمــان ســــاري املــفــعــول أو تــخــاذلــه عــن تـنـفـيـذ نــص نظامي وتحاول فقط حل الخاف وديا، ولكن عند تمادي الوكيل في جوره على املستهلك وتعنته وعـنـاده فــإن الـــوزارة تتخلى عـن دورهــا وتعتبر األمر من اختصاص املحاكم!، ونظرا لبعد مواعيد املحاكم وصعوبة االلتزام بمراجعتها كون املستهلك يراجع بنفسه بينما الوكيل لديه فريق محاماة متفرغ ومعقبون، واملستهلك عليه الحصول على إجازة واملراجعة بسيارة مستأجرة أو سيارة أجرة (استقوى الوكيل ولم يمنحه سيارة بديلة كما كان سابقا) لذا فإن املستهلك سيتنازل عن حقه. ذلــك تقليد أعـمـى لــدول لديها محاكم للقضايا الـصـغـرى مثل الواليات األمريكية املـتـحـدة حيث يـوجـد مـا يسمى بمحاكم االدعــــاءات الصغرى small claim court وهو ما لم يتوفر لدينا بعد، فلماذا االستعجال على التخلي عن املستهلك؟!.