هذا العسل ليس نتاج نحلتني

قـبـل أيـــام قليلة تــبــادل اإليــثــار كــل مــن األســتــاذ عـبـدالـفـتـاح أبــو مدين والـدكـتـور عبدالله الـغـذامـي، وكــل منهما ينسب لآلخر صناعة نادي جــدة األدبــي كواجهة أدبـيـة فاعلة ومحرضة فـي الحركة األدبـيـة (في زمـــن الــحــداثــة)، ومـــع إجــالــي الـكـبـيـر لـقـامـتـن فعلتا الـكـثـيـر للحركة األدبية املحلية، إال أن ذلك التوهج الثقافي للنادي ال يمكن أن ينسب لشخصيتن أدبيتن مهما كان وزنهما وأثرهما.. وأعتقد أن الساحة األدبية لن ترضى بهذا اإليثار املتبادل، فهناك شهود عصر ومشاركون في صناعة نـادي جـدة األدبــي ولكل منهما أثـر سـواء داخـل النادي أو خارجه.. وال يمكن ألسـتـاذي الكبير عبدالفتاح أبــو مدين أن يغمط املشاركن في صناعة النادي من خال مجلس اإلدارة الذي ضم ثلة من املثقفن الفاعلن وكانوا مساندين لفعاليات النادي في جميع أنشطته وأفكاره وكتبه.. وهي أسماء كبيرة قادت زمن الحداثة باقتدار ولم يكن القائد فيها شخصا واحدا (كما ظهر في كتاب الدكتور عبدالله الغذامي).. والصناعة لم تكن مقتصرة على أنشطة النادي بل تكاتفت جهود كثيرة إلبـراز ذلك التأللؤ، من صحفين وماحق أدبية وجمهور ومشاركن في األنشطة.. أعتقد أن إثـارة قضية: من صنع نـادي جـدة؟ جديرة بمراجعة من قاد زمن الحداثة للظهور وخلق مبدعيها ونقادها واملتكاتفن مع الحركة الثقافية فـي ذلــك الـزمـن الــذي وقـفـت فـئـات مـن املجتمع ضـد املبدعن واألنــديــة واملـؤسـسـات الثقافية والصحفية.. وألنــي كنت شاهد عصر هناك عشرات الشخصيات التي قادت زمن الحداثة.. نعم عشرات وظلوا صـامـتـن عــن كـتـابـة تـلـك املـرحـلـة والــتــي كـتـب عنها الــدكــتــور عبدالله الغذامي كــرأس وحيد قـاد مـعـارك الـحـادثـة، وهــذا ليس بصحيح فقد شاركه العشرات وإن لم يتكلموا.. وأجـدهـا فرصة سانحة أن أقــول إن الدكتور هاشم عبده هاشم (رئيس تحرير صحيفة عكاظ السابق) هو أحــد الــرمــوز الكبيرة الـتـي سـانـدت الـحـداثـة مـن خــال استقطاب نقاد وكتاب الحداثة وقد أفرد لهم ملحقا ثقافيا مكونا من 8 صفحات تحت عنوان «أصداء الكلمة» الذي حمل الثقل والهجوم املباشر على الجريدة وعــلــى الـقـسـم الـثـقـافـي بــالــجــريــدة، وهــنــاك مــاحــق أدبــيــة أسـهـمـت في تجلية نادي جدة وإظهار تميزه مثل ماحق اليوم والرياض والجزيرة ومجلة اليمامة.. أعتقد من مهمات املاحق األدبية اآلن أن تنير تلك الفترة الزمنية (زمن الحداثة) باستيضاح الشهادات في من شارك في خلق تيار أدبي مازال مواصا حركته بالفعل الذاتي الـذي صنع بالعشرات وفي مستويات مختلفة.. كـانـت الـحـركـة الثقافية فــي زمــن الــحــداثــة خلية نـحـل الـكـل شـــارك في صناعة ذلك الشهد املصفى وال يمكن لذلك العسل أن يكون نتاج نحلة أو نحلتن فقط.