«األرصاد» منعونا من «العرافني» وأغلقوا منابرهم أمام العامة!
أثبت الواقع املعايش في جدة خالل اليومني املاضيني على وجه الخصوص، أن تحذيرات هيئة األرصــاد، ال تخاطب إال مستوى عاليا من املثقفني، أما العامة الذين يجب أن تخاطبهم تلك الهيئة املعنية وحدها بتتبع األرصــاد، وإرسال التحذيرات، لألسف تتغافل عنهم سواء عمدا أو من غير قصد، رغم أنها سبق أن حــذرت وتـوعـدت مـن اللجوء ملـن سمتهم «عـرافـي الطقس» ممن نجحوا في التالعب على عـواطـف الـعـامـة، ليعطوهم تفاصيل قلما نجدها فـي تنبيهات األرصاد. فالهيئة ال يعرف أحد منها سوى تعميم يشمل منطقة بضخامتها فيعلنون أن األمطار أو الغبار يشمل منطقة بعينها تمتد عشرات الكيلومترات، وعلى الراغب في التزود اللجوء إلى خريطة ال يعرف أعالها من أسفلها، وألوانها من أرقامها، ال تصلح إال لقاعات الــدراســة، وال تخاطب إال من هم على درجــات بروفيسور أو استشاري أو أقلها أسـتـاذ مساعد، أمـا العامة مـن الـنـاس الـذيـن يفترض أن يكونوا أكثر إملاما بتلك املخاطر، ألنهم األقرب لألودية، واألكثر خروجا للشوارع والطرقات السريعة، واألسرع في التمدد في الجبال والصحاري فال يعرفون إال النادر من القول والعناوين ال التفاصيل. وأصبحت كلمة «يقولون» هي املشاع في التعاطي مع تقارير األرصاد املتعلقة بـاألمـطـار، وربـمـا تـأتـي أو ربـمـا ال تـأتـي، فــإن أتــت فالتحذير سـبـق، وإن كانت سحابة عابرة، فإن ذاك املوقع أو تلك البقعة لم تكن مقصودة في التحذيرات. ربما غاب عن األرصاد أن التطبيقات التي تعج بها املتاجر اإللكترونية حاليا، وبعضها يبدو ذا مصداقية، يحدد بأدق التفاصيل أين السحب، واملمطر منها وما العابر، وكميات األمطار في كل حي وموقع، وانحراف السحب الركامية بفعل الرياح، لذا يكون األمر بمثابة الشرح الوافي ليعرف سكان أي موقع حال الطقس بدقة، أما تقارير األرصاد فال تشير من قريب أو بعيد سوى لتحذير واحد، مفاده أمطار قادمة، فال يعرف املتعلم أو الجاهل ما إذا كان التحذير بمثابة قصة الـذئـب قــادم، أم ال. ويـبـدو أن تقارير األرصـــاد الضبابية أو بمعنى أدق «غير التفصيلية» أوقعت الدفاع املدني في «ورطة» الرسائل التنبيهية فبات هو اآلخـر يـردد ما يأتيه حرصا على سالمة الجميع، فلم يسلم من أوقعتهم الظروف في الربع الخالي من رسائل «عامة» تحذر من األمطار، رغم أن األجواء لديهم صحوة مشمسة ليس فيها وال قطرة مـــاء. أال تـــدرك «األرصـــــاد» أن الكثيرين يتكئون عـلـى تقاريرها، فالتعليم يعتمد عليها ليعلق الدراسة أو ال يعلقها، والذي هو اآلخر ظل اليومني املاضيني متذبذبا، فكان االنصراف «وسط النهار» وبعد بدء الدوام، هو الشغل الشاغل في مدارس جدة، والـتـي ال تملك مـن أمـرهـا شيئا، فليست هـي الجهة التي تقدر كـم املطر وال قــوة السحب، لتجد نفسها مـع أولى زخات مطر، مضطرة لصرف الطالب والطالبات، لتمر دقــائــق مــعــدودات وتــأتــي الـشـمـس، لـتـوقـع الجميع في حيرة، فأين األرصــاد من كل تلك الحيرة؟ إذا كانت األرصـــاد جــادة فـي التعاطي مـع الحدث املوسمي، فإنه من باب أولى أن تضع الروابط اإللكترونية الالزمة لتحدد مواقع هطول األمــــطــــار، ال أن تــجــعــل الـــنـــاس عرضة لــــزيــــف الـــــقـــــول مـــــن هــــــــواة الطقس، فــــإذا صــدفــت تــنــبــؤاتــهــم، صمتت الهيئة، وإذا تبخرت توقعاتهم، خـرجـت الهيئة لتقول بالفم املــلــيــان «ألـــــم نــقــل لــكــم، ال تصدقوهم».