Okaz

تنبــــلة

- أمنيــــة: * كاتب سعودي

تصف هـذه الكلمة مـا يتعدى الكسل. هـــي أقــــــرب مـــا يـــكـــون ألســـلـــ­وب حياة بـــأصـــو­ل، وفـــنـــو­ن، وقـــواعــ­ـد عــمــل. وال تـقـتـصـر مـمـارسـتـ­هـا عـلـى الـبـشـر فـحـسـب، وإليكم بعض من أغــرب الـحـاالت: في عالم الكيمياء نجد أن جــمــيــع الــعــنــ­اصــر تـتـمـتـع بــخــصــا­ئــص تعتمد عـــلـــى حــالــتــ­هــا الـــداخــ­ـلـــيـــة. كــلــهــا تــــحــــ­اول إشباع أوضـــاع الـــذرات الـتـي تكونها بمشيئة الـلـه. ولكي نـصـفـهـا بــدقــة أفــضــل، فـهـي تـسـعـى لـضـبـط أعداد ومـسـتـويـ­ات أوضـــاع االلـكـتـر­ونـات بـداخـل الذرات. وفـــي ذلـــك الـســعــي تــتــكــو­ن خـصـائـصـه­ـا املختلفة، وأهمها قدراتها على التفاعل مع الــذرات األخرى. بعضها يلجأ إلــى الـسـرقـة، فيتفاعل بـشـدة لنهب االلـــكــ­ـتـــرونــ­ـات مــــن الــــــــ­ـذرات األخــــــ­ـــــرى... وعناصر «الــفــلــ­ور» والــصــود­يــوم والــكــلـ­ـور مــن األمـثـلـة على ذلــك. كلها مجنونة متهورة تريد أن تتفاعل بأي طريقة كانت إلشـبـاع رغـبـات الــتــواز­ن االلكتروني بداخل ذراتها. وبعض العناصر تلجأ إلى التعاون الـودي مثل ذرات الكربون فهو من العناصر التي تحب «البشكات» سـواء كان ذلك مع جماعتها، أو مع العناصر األخـرى. وهناك التنابل... واملقصود هنا هـو العناصر الـتـي وصـلـت ذراتــهــا إلــى حالة اإلشباع، وبالتالي فا رغبة لها في التفاعل. يعني في قمة «شوفة الحال». وفي عالم الكيمياء يطلق عليها اسـم العناصر النبيلة «يعني» أنها تترفع عــن االتــحــا­د مــع الـعـنـاصـ­ر األخـــــر­ى. وتـشـمـل هذه املجموعة مجموعة غازات وهي الهليوم، والنيون، واألرجــــ­ـــون، والــكــري­ــبــتــون، والـــزيــ­ـنـــون، والــــــر­ادون. وكــلــهــ­ا تــعــشــق الــتــنــ­بــلــة. وهـــنـــا­ك أيــضــا مجموعة عناصر صلبة وهي املعادن الثمينة مثل الباتن، والذهب، والفضة، ولهواة الكيمياء فتشمل أيضا: الروديوم، والبالديوم، والروثينيو­م، واالريدميو­م.، واألوزمــي­ــوم، وااليـريـد­مـيـوم.. وحيث إنها تتصف بعدم الرغبة في التعاون مع العناصر األخرى فهي تقاوم «البهدلة» و«الجربدة». وعلى سبيل املثال، فهذه املعادن ال تتفاعل مع األوكسجن فا تتأكسد وتبقى في حالتها النقية لفترات طويلة وهذه من الخصائص املـرغـوبـ­ة فـي املـجـوهـر­ات طبعًا. وفي الــواقــع فـهـي مــن الـخـصـائـ­ص املـطـلـوب­ـة أيــضــًا في العديد من التطبيقات الصناعية، والطبية، وفي عـالـم االتــصــا­الت، وفــي تقنيات الـحـاسـبـ­ات. وهذه معلومات مفيدة ملن سيتقدم للزواج، فلو اختبرك والـد الخطيبة عن معلوماتك العامة، أذكـر له أنك ستقدم خـاتـم الـــزواج بـنـاء على خصائص علمية متينة وأن اختيارك لن يقتصر على الذهب والفضة فــحــســب...فــســيــش­ــمــل األســــمـ­ـــاء الــاتــيـ­ـنــيــة الرنانة املذكورة أعاه. وطبعا لو رفض طلبك للزواج بناء على حديثك في معلومات تجهلها، ففضا ال تذكر هذا املقال، وال هذه الجريدة. وفــي عالم املخلوقات نجد أن العديد منها يلجأ الــى التنبلة كـأسـلـوب حـيـاة. الـطـاقـة الـتـي تحصل عـلـيـهـا املــخــلـ­ـوقــات عـــــادة مـكـلـفـة جـــــدًا، وبالتالي فهناك فنون لترشيد استخدام الطاقة ألن الحصول عليها عـادة ما يكون مكلفًا للغاية. ولـذا فتجد أن معظم الحيوانات تلجأ للخمول كحالة عادية جدًا ملعظم ساعات النهار. وأما في املساء فهي تنام. وال نستغرب هذه السلوكيات من األسود والنمور التي تـأكـل كمية مخيفة مــن الـلـحـوم فــي وجـبـة واحدة فـتـصـاب بـالـتـخـم­ـة، ولـــذا فـهـي «تـنـخـمـد» لفترات طــويــلــ­ة. ولــكــن تـخـيـل أن مـعـظـم الـنـحــل يـلـجـأ الى التنبلة كأسلوب حياة أثناء معظم ساعات النهار. طــبــعــًا انــطــبــ­اعــنــا عـــن الــنــحــ­ل أنــــه مـــن املخلوقات الـنـشـيـط­ـة، وهـــو كــذلــك نـسـبـة الـــى املــســتـ­ـوى العام للتنبلة في عالم املخلوقات األخرى.

بصراحة ال يهمنا ما يدور في عالم تنبلة العناصر الكيميائية، واألســود، والنمور، والنحل، بقدر ما يهمنا الحاصل في عالم البشر. أتمنى أن ال تستمر في النمو واالنتشار، وأن يكفينا الله شرورها، وهو من وراء القصد.

 ??  ??
 ??  ?? طارق علي فدعق *
طارق علي فدعق *

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia