«لثغة» النفيعي تعزف «سيمفونية» النصر
فــي أول ظـهـور فـضـائـي للرئيس الــشــاب مـاجـد النفيعي تفاءلت كثيرًا، خصوصًا وهو يتحدث عن طموحاته مع األهـلـي، وخطته اإلستراتيجية التي ستمكنه الهمة من تحقيقها، لكن تفاؤلي كبر وأنــا أسمع لثغته تخرج من بني حروفة لتميز حديثه وتكسبه التفاتًا، فما يجمعني بالنفيعي ليس حب األهلي فقط، ولكن لثغة الراء أيضًا، ولعلكم ال تعرفون أهميتها، فنحن معشر املتعثرين عند الحرف العاشر من حروف الهجاء اكتسبنا فراسة املعرفة البشرية، فال نعجز عن كشف السطحيني والفارغني في جلسة واحدة، ونميز الجادين وأصحاب الهمم في حديث عابر، والسر الكبير في اللثغة. أتتصورون ذلك؟! تخيل وأنــت تجلس مـع أحـدهـم ألول مــرة وتسترسل في الحديث في قضية مهمة، فيوقف استرسالك مقهقهًا «أنت ألـدغ؟». نعم «ألدغ» وتعود للحديث، فيوقفك مرة أخرى، «بالله عـيـدهـا»، حينها تعرف أن مـن كنت تتحدث معه هو واحـد منهم، وأقصد أولئك الذين يتركون مضمونك وكــفــاءتــك وفــكــرك ويــفــتــشــون عــن نــطــقــك، حـيـنـهـا تغسل يـدك منهم باملاء والصابون، وتنهض لتنهي ما يربطك به مبكرًا قبل أن تتورط في مشروع صداقة أو عمل. أما الـحـاقـدون فهم صنف آخــر مـن مخلوقات الـلـه، يتجلون أمــام لثغتك عند تحقيقك ألول انتصار أو تفوق، ليترك ذلــك كله ويــأتــي واقــفــًا عند حديثك ســاخــرًا. فتحمد الله أن رزقـــك لثغة الــحــرف الــعــاشــر، وفــراســة املـعـرفـة وكشف اآلخرين. أعـود ملاجد النفيعي وحديثه األخير في إحـدى القنوات الـفـضـائـيـة، الـــذي انـتـهـى بمنحنا جـرعـة تــفــاؤل جديدة، ونحن نـدرك أنه «بلثغته» الجميلة، سيعزف سيمفونية النصر، وسيرقص الخصوم على أنغامها، ألن التاريخ يـقـول، إن أصـحـاب «اللثغة» مبدعون ونـبـالء ومميزون، ولعل واصل بن عطاء املخزومي تلميذ الحسن البصري نموذج عربي للفصاحة والبالغة، وامللقب بالغزال األلثغ، لفطنته وفصاحة لسانه، دخـل التاريخ بخطبة مرتجلة قدمها أمام الوالي استغنى فيها عن حرف الـراء، وتمكن من اإلبـداع واستعراض املفردات بقدرة فنية ال تتأتى إال لألفذاذ. وفـــي فــرنــســا كـــان الــنــبــالء وعــلــيــة الــقــوم يــنــطــقــون حرف الـــراء كـحـرف الــغــني، ويــقــال إنـهـم درجـــوا عـلـى هــذا اللثغ مسايرة لإلمبراطور لويس الرابع عشر الـذي كان لسانه يلثغ بحرف الــراء. وفنيًا كم أسرتنا لثغة صـوت األرض طــالل مـــداح عـنـدمـا تـحـولـت إلــى بصمة تــزيــن الحنجرة الحجازية، يتسابق خلفها كتاب األغنية في نسج الراء في القصيدة المتاع عشاق الطرب. فمن أراد أن يسمع مضمون النفيعي فليسمع، ومن أراد أن يقف عند نطقه للراء فليقف، والعبرة في النهاية.