Okaz

«العمدة» يصارع من أجل البقاء!

- فواز أبو صباع

كــــان لــلــعــم­ــدة أهــمــيــ­ة كــبــيــر­ة فـــي مــحــافــ­ظــة جدة سابقا، ليس لــدوره الفاعل في ضبط األمــن فقط، بل إلسهاماته االجتماعية املختلفة، فكان مركازه في السابق بمثابة مقر لجمعية خيرية، يلجأ إليه املـحـتـاج­ـون، ويتلمس احتياجاتهم، وتوفيرها، وبلغت أهمية العمدة في حقبة من الزمن، أنه كان عنصرا فـاعـال فــي مختلف املـنـاسـب­ـات التي يـنـظـمـهـ­ا أهـــل الـــحـــا­رة، بـــل كـــان دائما يــرافــق والـــد أي شــاب يتقدم لخطبة فــــتــــ­اة، إذ يــمــثــل لـــلـــخـ­ــاطـــب تزكية كبيرة أمام ولي أمر العروس، وكان يـتـدخـل لــعــالج الــخــالف­ــات األسرية، ويخفف بذلك على املحاكم الشرعية والقطاعات األمنية، الكثير من الشكاوى والقضايا. لكن وضع العمدة حاليا لم يعد كما كان في السابق، بـعـد أن جمعتني إحـــدى املـنـاسـب­ـات االجتماعية بعمدة شهير في جدة أخيرا، وتحسر كثيرا على ما آل إليه وضعهم، وذكر لي أن العمدة في السابق كـــان حـلـقـة الــوصــل بــني ســكــان الــحــارة والجهات الحكومية املختصة، فضال عن دوره في حل كثير من املشكالت االجتماعية، لكنه اآلن لم يعد كذلك، مرجعا ذلـك إلـى غياب الترابط االجتماعية الذي كانوا عليه في السابق، وانشغال كل فـرد بنفسه، ويظهر ذلك بجالء في األحياء الحديثة، حتى أن الجيل الجديد، قد ال يعرف شخصية العمدة، ولم يرها سوى في املسلسالت الشعبية فقط. وحـــني ســألــتــ­ه عـــن أبــــرز احــتــيــ­اجــات الــعــمــ­د في جــــدة، أجــابــنـ­ـي بــأنــهــ­ا كــثــيــر­ة، لــكــن يأتي أبرزها تحسني أوضاعهم الوظيفية، وتـــــقــ­ـــلـــــي­ـــــص مـــــــــ­ــدة تـــــرقــ­ـــيـــــا­تـــــهـــ­ــم، وتـــخـــص­ـــيـــص مــــقــــ­ار نموذجية لـهـم، إضــافــة إلــى تعيني موظفني مـسـاعـديـ­ن لــهــم، مــع تـوفـيـر شبكة حاسب آلي ترتبط بقاعدة معلومات مع الشرطة واملحافظة. وأنـــــــ­ا مــــن زمـــــن «الـــطـــي­ـــبـــني» ونــــشـــ­ـأت فــــي جدة التاريخية وأعــرف جيدا دور العمدة ومكانته التي كانت في السابق، فضال عن أن عمي محمد عمر أبو صباع (رحمه الله) كان عمدة، وكنت أتـابـع األدوار األمـنـيـة واالجـتـمـ­اعـيـة الـتـي كان يقدمها، كما أتذكر كثيرا من العمد منهم طلعت محمد غيث، فواز جميل سالمة، محمد اليامي وسامي عمر باعيسى، وغيرهم الكثيرين، الذين لم تسعفني الذاكرة لسرد أسمائهم في هذا املقال املقتضب وأتمنى من الجهات املختصة أن تلتفت إلــى العمد باهتمام وتسعى لتحقيق مطالبهم، لــــــأدو­ار اإليــجــا­بــيــة الــتــي يــقــدمــ­ونــهــا للمجتمع، وإنقاذ «العمودية» املهنة الـــــعــ­ـــريـــــ­قـــــة، التي أخــــــــ­ـشــــــــ­ـى أن تتحول إلى «تراث» نرويه لأبناء واألحفاد، وهم يجلسون على «املركاز».

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia