اإلنفاق املالي والتنمية املستدامة
الــتــعــريــف الـــدولـــي للتنمية املــســتــدامــة يـشـيـر إلـــى أنــهــا عملية تحول متواصلة وقابلة لالستدامة تهدف إلى زيادة دخل الفرد وإنـتـاجـيـتـه مــع تـوفـيـر الــحــاجــات األســاســيــة للتنمية البشرية وتنويع القاعدة اإلنتاجية واستثمار املزايا النسبية. ومثل هذا التعريف ينبغي أن يلقن لكل املوظفني الحكوميني مــن خـــالل دورات تــتــنــاول هـــذا الــتــعــريــف مــن كــل جــوانــبــه، ألن بعض من يقوم على برامج التنمية يعتقد أن التنمية تقتصر على الجوانب الحسية واملادية كإقامة الطريق وبناء املستشفى وهكذا، وأن التعليم مثال هو بناء املدرسة أو الجامعة وليس ما يجري داخلها، وبالتالي أصبح الفصل التاريخي بني االثنني هــو سـبـب ملـعـظـم مشاكلنا خـــالف أنـــه أمـــر غـيـر قــابــل لـلـحـل إذا استمررنا في تبني نفس هذا املفهوم النمطي للتنمية. يـقـال إنـنـا صرفنا على التنمية خــالل نصف قــرن مـا يـقـارب 7 تريليونات، وإنـنـا صرفنا نفس هـذا املبلغ تقريبا خـالل عشر سنوات فقط وهي التي صاحبت الطفرة النفطية األخيرة، وإذا ما سحبنا هذا التعريف على خطط وبرامج التنمية التي امتصت هذه التريليونات هل يمكن القول إن التخطيط العام في البالد يتسق مـع روح هــذا التعريف مـن حيث استدامة الحياة؟ وهل نجحت هـذه البرامج في تحقيق هـذا املفهوم الواسع للتنمية، باعتبارها عملية قابلة لالستدامة وبالتالي قدرتها على السير بنفس املعدالت السنوية بعد انخفاض أسعار النفط!. وهـــل انـعـكـسـت هـــذه الــتــريــلــيــونــات عــلــى بــنــاء مــتــوســط لدخل الـــفـــرد، وهــــل كــــان هــــذا املــتــوســط يــرتــفــع مــثــال بــــمــــوازاة أسعار السلع والخدمات على مدى ثالثة عقود أو يقترب منها؟ أم أن االنفصال تم إلـى غير رجعة ما لم نغير من مفهومنا للتنمية ونحسن من برامجها وأدواتها؟ وهل كان لهذا اإلنفاق التنموي تأثير مباشر على مستويات التعليم والتدريب ورفـع معدالته بما ينسجم مع املعايير العاملية ويتفق مع حجم هذا اإلنفاق، وهـــل بـنـيـنـا مـــؤشـــرات لــقــيــاس الـتـعـلـيـم تـخـضـع للتصنيفات األكاديمية ويصدر بها تقارير سنوية من جهات محايدة؟ أو رفعنا من إنتاجية الفرد بما يوازي املعدالت العاملية أو يقترب من معدالتنا القديمة؟