Okaz

الدنيا مقلوبة!

-

«إيش فيه!... يا ناس الدنيا مقلوبة؟... خاشقجي! خاشقجي مختفي! خاشقجي مات! الهجوم اإلعالمي على البالد! ال.. مؤامرة خارجية مؤقتة! (يبغو فلوس) الكره املمنهج من ناس ظنناهم أصدقاء! ال.. مدفوع لهم يكرهونا! التشفي من دول كنا لها عونًا طوال سنني! ال.. هما كذا يكرهوا كل الناس». سيبكم من هذا كله، ما علينا... لن أكتب لكم اليوم مقالي عن أي من هذا الحديث الذي يدور باملجالس وعلى كـل رصيف وناصية! فنحن تجرعنا السم مـن أعــز الـنـاس ومــن أقربهم لنا، وتعلمنا الدروس تكرارًا ومرارًا، ولم تزدنا إال قوة... من الصعب أن يحبط شعب شاب مثل شعبنا من عدو كان أو صديق، فنحن شعب يصعب كسره، يصعب ثنيه، يصعب إحـبـاطـه... شعب مقدام مخلص وذو والء ألرضه وحكومته ما له مثيل باملنطقة العربية... نحب األمان ونقدر املعروف ونعرف تمامًا ما هي حقوقنا وكيف نطلبها... بدون صراخ وال عراك وال غوغاء... دعوهم سادتي يشتمون.. فإنهم مأمورون. باألمس كنت أتحدث مع صديقة لي عن قصة رجل غني ينتمي لعائلة كبيرة يساعد الكل طوال حياته، رجل بنى نفسه بنفسه وأسس إمبراطورية صعب تجاهلها، واملـحـزن أنـه كلما اجتمع اثـنـان مـن عائلته ال حمدًا وال شكورًا... وعـاش حياته وهـم يكيدون له ويحتقرون أوالده الذين يتهمونهم بالدالل والكسل... كبر األوالد وتعلموا واعتلوا أعلى املناصب خارج شركات والدهم فقالوا هي الواسطة التي تفتح لهم األبواب، مع أن والدهم لم يتوسط لهم في يوم من األيام... نجح األوالد اجتماعيًا، فقالوا طبعًا الناس تتجمل لهم حبًا ملالهم وليس ألفعالهم... أصبحوا يجلسون في أهم الكراسي القيادية فقالوا طبعًا هو املال الذي (يشيل راعيه)... املهم، تدور الدنيا وتتقلب األيام ويأتي واحد من الجيران بيته مالصق لقصر الغني، ولكنه فقير جدًا ولم يمل أوالده من رمي كور نار على قصر الغني الجار من وراء جداره املهترئ! قام الغني بتعلية السور، ومن ثم تعليته ثانية وظل لسنني يرمم ويرقع بهذا السور إال أن الجار الفقير استمر بأذاه... طوال سنني استمر الجار البار بإرسال األرزاق ألهل الفقير.. بمساعدته في بيته حيث وظف أبناء الفقير ليتعلموا ويتطببوا ويكبروا كجسد واحد تمامًا مثل أبنائه... وبالرغم من هذا الخير كله استمرت كـور النار من أبناء الفقير املتبطحني املخدرين بفعل ما يمضغون... حتى حرقت ذات يوم إحدى بنات الغني فثارت ثورة األب وقرر صاحب القصر أن يهد السور قبل احتراق بيته من هذا التهور من أبناء جاره العاقني! فثارت عليه أغلب بيوت الحارة، كيف لك أن تهد جدار بيت الفقير أيها الغني؟ أيها املتكبر املتعجرف، وهو ال يملك ثمن قوت يومه؟ لم يفكروا بابنته املحروقة؟ وال أمــن بيته املـهـدد! وعندما انهد الـسـور قــام املتبطحون مـن الـخـوف على أرجلهم وتوقفت كور النار... ولم يفزع للغني إخوانه الذين تربوا في بيته... فقط ألنك غني قوي مرزوق، تخون! فقط ألن الله أعزك، تتكالب عليك البشر! ومن أعز الناس عليك، فكل ذي نعمة محسود.. هكذا هي العائلة، سـواء عائلة اجتماعية كانت أو سياسية، وهكذا هو الله يعز من يشاء ويذل من يشاء... الجميل في القصة أن املتبطحني الذين يلومون ويهمسون ويلمزون ومن ثم يحقدون على أوالد الغني انتهوا بأن يكونوا جزءًا من أسباب هذا النجاح... زاد حب وتقدير الناس لهم، ليس من مال أبيهم سادتي، بل من عملهم وجهدهم وتطوعهم دائمًا لعمل الخير وخدمة الناس. دارت الـدنـيـا وبـنـى هــؤالء األوالد ألوالدهـــ­م دنـيـا جــديــدة، وعلموهم أحسن تعليم وعاشوا عيشة هنية محترمة بني من يحبون، وزادهم الله عزًا وزاد من فيه شر ذال... واملتبطحون بقوا متبطحني... لكم أن تتخيلوا بمن تذكركم هذه العائلة؟ وأترك لكم الجواب... * كاتبة سعودية

 ??  ?? د. وفاء الرشيد * @WwaaffaaA
د. وفاء الرشيد * @WwaaffaaA

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia