فضيحة الواشنطن بوست

آخر ما يمكن أن يخطر على البال هو قراءة مقال في صحيفة أمريكية لشخص مثل محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا في عصابة الحوثيني واملدرج ضمن قائمة العقوبات األممية منذ مطلع العام الجاري، لكن صحيفة واشنطن بوست فعلتها ونشرت له مقاال يوم الجمعة في قسم «آراء عاملية» ليكون بحق مفاجأة املفاجآت التي قدمتها الصحيفة مؤخرًا. بـالـتـأكـيـد أن شـخـصـًا مــتــواضــع الـتـعـلـيـم واملــعــرفــة والــثــقــافــة واالطـــــاع كهذا الشخص ال يمكنه كتابة مقال سياسي قابل للنشر فـي أي صحيفة محلية، لكنه فاجأنا بالكتابة في واشنطن بوست، ودون شك فإن اللوبي اإليراني هو من كتب ورتب النشر مع الصحيفة ليمثل املقال فضيحة إعامية كبيرة ونقطة سـوداء في تاريخ الصحيفة ومهنيتها؛ ألنها سمحت بظهور اسم قيادي في تنظيم ميليشياوي معاقب أمميا ككاتب رأي فيها، واملفارقة املهمة أن يتزامن نشر املقال مع خبر نشرته الصحيفة في نفس اليوم أن إدارة الرئيس ترمب تبحث تصنيف جماعة الحوثيني تنظيمًا إرهابيًا كإجراء ضمن التوجه إلنهاء الحرب في اليمن التي تسبب فيها الحوثيون وحولوها إلـى كارثة إنسانية شديدة السوء. املهم في األمر ليس ما قاله الحوثي في مقاله من كام ال يمكن ألحد أن يصدقه حني يعرف مـاذا فعلت الجماعة باليمن، ومــاذا فعل هو حتى أصبح مجرمًا مطلوبًا للعدالة، املهم هو توقيت نشر املقال والهدف من النشر. جاء املقال في الوقت الذي يتم فيه تطهير مدينة الحديدة االستراتيجية من الحوثيني والذي يمثل خسارة فادحة وضربة قاصمة لهم، وكذلك التقدم الكبير باتجاه معقل الحوثيني في صعدة واالقتراب من عقر دار الحوثي، وأيضًا خسارتهم ملواقع استراتيجية في مناطق أخرى، ما يشير إلى اقتراب تحرير اليمن من سيطرتهم، وبالتالي خسارة إيران ملشروعها في اليمن عبر الوكيل الحوثي، لذلك لجأت إيران إلى استخدام اللعبة اإلعامية من خال صحيفة أمريكية شهيرة بالتزامن مع نتيجة االنتخابات النصفية للكونغرس التي فاز بها الحزب الديموقراطي املمالئ إليــران والـداعـم لها، لعله يؤثر على مسار العمليات العسكرية التي خسرها الحوثيون والضغط لطرح ورقــة املـفـاوضـات والـحـل السياسي التي عطلوها وتمردوا عليها باستمرار لكسب الوقت وترسيخ سيطرتهم وفرض واقعهم على اليمن. إنها محاولة بائسة إليران في إنقاذ وكيلهم اليمني لن تنجح في ظل املعطيات الراهنة، وفضيحة إعامية وأخاقية لصحيفة واشنطن بوست عندما تنشر مقاال إلرهابي مطارد تعرف أن شعار عصابته «املوت ألمريكا».