الصحة وحديث الربيعة
تابع املجتمع باهتمام حوار وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة مع اإلعالمي عبدالله املديفر على قناة روتانا، وسبب االهتمام أنه مسؤول عن وزارة إشكالية ال تحظى بالرضا عن خدماتها املرتبطة بصحة ومرض اإلنسان، تواجه نقدًا مستمرًا لخدماتها، وال يشعر الناس أنها تتطور بما يوازي امليزانيات الضخمة التي تخصص لها. كان الدكتور الربيعة جيدًا في حديثه وعرضه لرؤية وبرامج الوزارة التي كان من أبرزها خصخصة الخدمات، تعزيز التعامالت الرقمية، توطني املهن الصحية، التحول مـن الطب العالجي إلى الطب الـوقـائـي، وتطوير الـقـوى العاملة الصحية. لكن األهــم هو تأكيده على أن جميع السعوديني سيكون لديهم تأمني طبي شامل بنسبة %100 وبشكل مجاني خالل 5 سنوات. من عملي لفترة طويلة في وزارة الصحة أستطيع القول إن جزءًا كبيرًا من مشكلتها هو ما تعاني منه بقية الـــوزارات متمثال في التغيير املستمر الستراتيجياتها وعــدم البناء على مـا فيها من إيجابيات وتصحيح سلبياتها، ألنها إستراتيجيات أفراد وليست إستراتيجيات مؤسسية تنطلق مـن رؤيــة عملية شاملة وبعيدة املـدى، كل وزير جديد يبدأ بإستراتيجية جديدة وإلغاء السابقة، وبتغير الـــوزراء تصبح النتيجة إستراتيجيات متغيرة ال ينفذ منها إال القليل جدًا بحسب مدة بقاء الوزير في موقعه. وباإلضافة إلــى ذلــك فــالــوزارة عانت مـن بــطء التفاعل مـع تغير االحتياجات الصحية وتأهيل الكوادر واملـرافـق، ومن نافلة القول إنها تعاني من بيروقراطية األنظمة املالية واإلداريــة العامة التي تحكم أداء األجهزة الحكومية. اآلن يـبـدو تـوجـه وزارة الصحة جـيـدًا انطالقا مـن أهـــداف الرؤية الوطنية 2030 ويجتهد وزيـرهـا وفريقه لتحقيقها، ولكن ماذا ســيــحــدث عــنــدمــا يـــغـــادر الــدكــتــور تــوفــيــق الــربــيــعــة مــوقــعــه، هل سيستمر خلفه فـي نفس املـسـار أم سنعود إلــى املـربـع األول، هل سنستمر في العمل املؤسسي الذي يحقق أهداف الرؤية أم سنعود إلى االجتهادات الفردية عديمة الجدوى.