مساعدة صديق ملركز احلوار الوطني!
االنتقادات الواسعة التي قوبلت بها ندوة مركز الحوار الوطني األخيرة حول «الصورة الذهنية للسعودية في الخارج» واملتعلقة كليًا بــآراء مشهورة لبعض املشاركني، قد تبدو قاسية للبعض وهجومية بشكل أساسي على املركز كمؤسسة، خصوصا في هـذه الظروف السياسية الضاغطة التي تمر بها اململكة وتـواجـه خاللها أشــرس حملة تشويه فــي تـاريـخـهـا، لـكـن تـلـك االنــتــقــادات -مــن وجــهــة نظري الشخصية- ليست سوى هدية قيمة وثمينة جدًا ينبغي على أمانة املركز تقبلها برحابة صدر واعتبارها نوعًا من الحوار الذي يمكن إدراجه ضمن أجندتها ملناقشته في ندوات قادمة، فهذه هي مهمة املركز الحقيقية ومن الخطأ أن تأخذ أمانته العامة موقفًا دفاعيا تصطف فيه مع طرف ضد آخر لتبرير خياراتها. ال أظــن الـدكـتـور عبدالله الــفــوزان األمــني الـعـام للمركز (الــذي أكـن لـه باملناسبة كـل حـب وتقدير واحـتـرام منذ نحو 20 سنة) يأخذ املسألة على محمل شخصي، حتى وإن هـوجـم بــاالســم واستهدفته االنــتــقــادات شخصيا، فــهــو أســـتـــاذ عــلــم اجــتــمــاع يــعــي املـــؤثـــرات الــتــي توجه سيكولوجية الجماهير ويـــدرك األخــطــاء ومسبباتها ويجيد معالجتها، وهـو في األخير ليس املركز وإنما موظف فيه، كما أن املنتقدين واملهاجمني ليسوا أعداء لــه وإنــمــا مـحـبـون لوطنهم ومـتـخـوفـون عـلـيـه، ومنهم أكـاديـمـيـون ومثقفون وكـتـاب وإعـالمـيـون كـبـار، وهذا األمـــــر يــدفــع بــاتــجــاه مـــا أســلــفــت مـــن ضــــــرورة احتواء الـجـمـيـع واالســتــمــاع آلراء الــغــاضــبــني ووضــعــهــا على أجندة الحوار، ولو كنت مكان الدكتور الفوزان لوجهت فــورًا بتحويل الـنـدوة املـشـار إليها إلــى سلسلة لقاءات وندوات وتوجيه الدعوات لكل منتقديها للحديث تحت قبة املـركـز وتقديم توصياتهم بـل واعتراضاتهم على اللقاء األول بكل أريحية. مــنــذ انــطــالق بــرامــج رؤيــــة 2030 تــحــولــت السعودية إلـى ورشــة عمل كبرى، وهـي تعمل بكل سرعة وجدية لـلـتـخـلـص مــن رداء الــجــمــود والــكــالســيــكــيــة، ولـــم تعد تـــرحـــب بــــاألطــــروحــــات الـــرمـــاديـــة الـــقـــادمـــة مـــن ثقافة الستينات، ولذلك ينبغي على كل املؤسسات الوطنية أن تــخــرج مــن بــوتــقــة املــاضــي وتــنــفــض عـنـهـا الغبار وتتخلص بنفسها مــن آلــيــات الـعـمـل الـقـديـمـة وتفهم أن الـواقـع الثقافي والـحـراك املجتمعي الوطني حاليًا تجاوز قوائم الضيوف واملتحدثني التي يحتفظ بها بعض موظفي الـعـالقـات العامة منذ عـقـود فـي أدراج يكسوها الغبار، ولعل أول مؤسسة يجدر بها أن تفهم ذلك وتستبق الركب هي مركز امللك عبدالعزيز للحوار الوطني. هذه نصيحة محب للدكتور الفوزان وفريقه، وهي أيضًا مـسـاعـدة مــن صــديــق لـلـمـركـز الـــذي نــعــول عليه كثيرًا، ونتمنى أن يكون منبرًا حقيقيًا للحوار الوطني الشفاف ومـصـنـعـًا لـلـتـوصـيـات ذات الــفــائــدة لـلـوطـن واملواطن، ولنتذكر دائما أن الناس اليمكن أن يتفقوا على كل شيء ولذلك كـان الحوار أفضل الطرق لجمع الكلمة ووحدة الصف والهدف.