من هي البقع السوداء في حكومات اخلليج؟!
فــــي مــنــتــصــف دورتـــــــه الـــثــانــيــة قـــــام الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما بخطوة غريبة وغير متوقعة رفع بموجبها القيود عن أموال واستثمارات القيادي اإلخواني يوسف ندا الذي يعد لليوم وزيــر مالية اإلخـــوان ومــديــر خزائنهم واملــســؤول األول عن استثماراتهم وأحــد أكـثـر الشخصيات اإلخـوانـيــة غموضًا وإثــارة للجدل، الرفع جـاء في أعقاب سنوات من املالحقات القانونية فرضتها إدارة الرئيس األمريكي األسبق جورج بـــوش الــتــي وضــعــتــه ضــمــن قــوائــم اإلرهـــــاب وتــحــت طائلة االتهامات واالشتباه به وفـي تنظيم اإلخــوان املسلمن في دعم خاليا القاعدة التي كانت بالفعل هي الذراع العسكرية لإلخوان. يوسف ندا استطاع التحرر من تلك املراقبة اللصيقة وعاد ليدير اإلمــبــراطــوريــة املـالـيـة مــن مدينته املحببة «جنيف» حــيــث قــصــوره وأمـــالكـــه املــنــيــفــة، لــقــد قــــدرت ثــــروة اإلخوان املتحفظة بأكثر مـن مئة مليار دوالر انتشرت فـي مختلف دول العالم تحت مسميات بنوك وشركات دولية ومحافظ وصناديق استثمار. منذ بزوغ نجم اإلخوان على يد الساعاتي حسن البنا اهتموا كـثـيـرًا بـقـاعـدتـن رئيسيتن فــي عملهم، الـتـقـرب للسلطات والـتـجـار ليتمكنوا مــن جمع الـنـفـوذ واألمــــوال وقــد فعلوا، بـالـطـبـع كــان لــأمــوال مــهــام أخــــرى، فـهـي فـضـال عــن كونها تضمن لهم حياة باذخة على حساب القيم واملبادئ إال أنها كانت وسيلتهم للتسلق والتمكن ومكافأة املتعاونن. ندا الشخصية األكثر سرية كشف وربما دون قصد منه عبر حـوار على قناة الجزيرة وكذلك من خالل كتابه «من داخل اإلخــوان» عمن أسماهم البقع السوداء، فمن هم يا ترى وما هو دورهم؟! هذا نص ما قاله في كتابه: «لقد احتفظنا بصالتنا بأشخاص في الظل كانوا بمثابة البقع السوداء في ارتفاعات ال يكشفها الـــــرادار، ولــكــن عـنـد الـحـاجـة إلـيـهـم يـتـم إيـقـاظـهـم، وهـــذا ما اتبعناه في كل األماكن التي حظرت نشاط اإلخوان، كنا نعلم أن هــؤالء الــرجــال قبلوا بنا ولـهـم نفس أفـكـارنـا ونـأمـل إذا طلبنا منهم شيئًا أن يفعلوه». كــالم يـوسـف نــدا الخطير الــذي أبــاح بـواحـد مـن أهــم أسرار الـتـنـظـيـم يـكـشـف فــيــه بــكــل غــــرور عــن أن اإلخـــــوان يقومون باختيار شخصيات يتم تأهيلها لتصبح في يوم من األيام من القيادات الكبرى، وعند تمكنها أو وصولها ملراكز القرار يـتـم االســتــفــادة مـنـهـا بــذكــاء حـتـى ال تـكـشـف، إال أن أخطر أعمالهم بال شك هو إفشاء أسرار الدولة وتمرير املعلومات للتنظيم والــدول املعادية لالستفادة منها، وربما االنقالب عليها إذا جاء تهم الفرصة. السؤال يا ترى من هم «البقع السوداء» في مراكز القرار في الـــدول الـعـربـيـة والخليجية عـلـى وجــه الــخــصــوص، وكيف يمكن اكتشافهم والـحـؤول دون تضخم خطرهم، وملــاذا هم مــوجــودون بــاألســاس، وهــل هــم مــوجــودون اآلن، وعـلـى أي مستوى وكيف ال يكتشفهم الـرادار األمني كما يقول ندا، إذ ال شـك أن الخبرات التنظيمية واالنــخــراط فـي خاليا سرية على مدى عقود أعطت اإلخوان القدرة على التخفي واالدعاء بغير طبيعتهم.. الــســعــوديــة والــخــلــيــج األمــــر واضــــح جـــدًا إذ تــعــد بالنسبة للتنظيم ومنذ وقت مبكر من وفودهم عبر قوافل التعليم أو هربا من اضطهاد في دولهم األم كانت هي الجائزة الكبرى، كونها دوال غنية وقليلة السكان، وشعوبها لم تنغمس في الــتــيــارات الـتـي اجـتـاحـت الـعـالـم الـعـربـي، فيسهل السيطرة عليها. إال أن املــراقــب يستطيع أن يـتـبـن بـعـض مــالمــح تـلـك البقع الـــســـوداء فـــي الـــصـــداقـــات والــشــبــكــات الــفــكــريــة والتنظيمية وتمكن قيادات أصغر في مفاصل العمل وإتاحة الفرصة لهم للتطور وتسريع ترقيتهم، إضافة إلى تبادل أدوار الحماية وتعويمهم وتخفيف الغضب الشعبي عليهم عند انكشافهم، كذلك يمكن مالحظتهم في االرتباط الدائم بالعائلة اإلخوانية والعالقات التجارية والتوظيف للمنتمن إلى الجماعة. * كاتب سعودي