التوظيف عن بعد.. بعيد كل البعد!
إن الــتــوجــه الــعــاملــي نـحـو الــذكــاء االصــطــنــاعــي الذي تبديه اآلالت والبرامج بما يحاكي الـقـدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، ومع التقدم التقني في صنع حـواسـيـب وبــرامــج قـــادرة على العمل واتــخــاذ سلوك ذكي في استطاعته أن يحل محل اإلنسان في الصناعة، ومـــع كــل مــا تـسـهـم بــه الــتــطــورات الـتـقـنـيـة املتالحقة واملتسارعة في خلق ثقافة جديدة داخل سوق العمل، تـوفـر فـرصـا وظيفية مـرنـة تـتـجـاوز حــواجــز الزمان واملكان، وتجمع صاحب املؤسسة باملوظف من خالل بيئة عمل إلكترونية يجري من خاللها أداء الوظائف واملهام دون الحضور إلى مكان الشركة أو املؤسسة؛ مـــع هــــذا كــلــه تـــوجـــب عــلــيــنــا ضــــــرورة إعــــــادة النظر فــي بـرنـامـج الـعـمـل عــن بـعـد ومــا يـقـدمـه مــن وظائف تنموية وااللـتـفـات إلــى ذلــك بتوسيع خـدمـات العمل عــن بـعـد وزيــــادة الــفــرص الوظيفية فــي ذلـــك، خاصة أن مجتمعنا اآلن يملك طـاقـات شبابية مـن أصحاب املؤهالت والكفاءات واملهارات املهنية التي تستوجب منا تسخيرها لخدمة اإلنتاجية املجتمعية. لدينا اآلن عدد من الشباب يتخرجون سنويًا من أقوى وأرقــى الجامعات وبشهادات وكـفـاءات عالية، فيجد البعض منهم فرصتهم في التوظيف، ويبقى البعض -وصاروا األكثر غالبا- في حالة بحث وإيجاد الفرص وبناء مشاريع خاصة يبقى مصيرها مجهوال، وقد اليــكــون لــهــا مــــردود نـفـعـي عــلــى الــبــنــاء االقتصادي للدولة؛ لذلك تنظيم برنامج العمل عن البعد والتوسع فــي خـدمـاتـه الـوظـيـفـيـة واالنــتــقــاء الـدقـيـق للوظائف املـــطـــروحـــة بــمــا يــتــنــاســب مـــع ســــوق الــعــمــل املحلي والعاملي أصبح ضرورة حضارية ملحة. كما أن عملية تنظيم برنامج التوظيف عن بعد يساهم في سعودة الوظائف لتحقق طموحها في البلوغ إلى التمام واستثمار الطاقات الوطنية في كافة املجاالت، ومــن هــذا التنظيم والــتــوســع فــي الــخــدمــات أرى بأن تبادر املؤسسات الحكومية إلى االستغناء عن املهام الـتـي ال تستدعي حـضـور املـوظـفـن كـاالشـتـغـال على األعـمـال التقنية واألنظمة والـبـرامـج وتحويلها إلى وظائف عن بعد، وتوظيف أهل الكفاء ة خاصة من فئة النساء الالتي ال يستطعن العمل خــارج منازلهن، ال سيما أن التوظيف عن بعد لم يعد يمكث عند رغبات فـئـتـن أســاســيــتــن مــن الــقــوى الــعــامــلــة الــوطــنــيــة في االلتحاق بسوق العمل كما عهدنا، وهما النساء وذوو االحتياجات الخاصة، بل يتجاوز ذلك ليحقق فرصًا وظـيـفـيـة لــعــدد مــن الــعــاطــلــن مــن الــشــبــاب مــن خالل تقديم فــرص وظيفية مـرنـة تـتـجـاوز عــدم حصولهم على فرص ميدانية من وظائف القطاع الحكومي أو الـخـاص، وكـذلـك تتجاوز حـواجـز عــدم تـوافـر وسائل النقل لــدى أبـنـاء الهجر والـنـسـاء الـالتـي ال يستطعن التنقل بحكم التزامهن بمسؤوليات األســـرة وأعباء تـربـيـة األطــفــال، وأحــيــانــا لـعـدم مــالءمــة مـكـان العمل ملتطلبات الوظائف النسائية.