املتحدي هو األقوى
أن يعلن شخص ما التحدي حيال أي جهة فهذا يعني الـثـقـة الـكـامـلـة لـــدى املــتــحــدي أنـــه قـــادر عـلـى مقارعة الحجة بالحجة والقوة بالقوة، وهذا ما حمله األمير خــالــد بــن ســلــمــان مــن تــحــد إزاء مــا نــشــرتــه صحيفة (الواشنطن بوست). ونـقـطـة أخـــرى تـخـص أي قـضـيـة مــثــارة إعــامــيــا بني صحيفة وشخصية اعتبارية تكون فيها الصحيفة حاملة توجها إعاميا ضد سياسة بلد أو شخصية اعتبارية فيها، والنقطة هذه تتمثل في أن الصحيفة تعمل على تأكيد موقفها حتى ولو كان ادعاء كاذبا، وفي عالم الصحافة ال يمكن لصحيفة تكذيب نفسها ما لم يكن هناك دعوى قضائية تلزمها بذلك التكذيب مع االعتذار. وأي وسـيـلـة إعــامــيــة يـتـصـدر مـبـادئـهـا أن حــق الرد مكفول ألي متضرر بـأن يـرد على ما نشر. وإزاء هذا الــحــق ثــمــة أالعــيــب مـبـطـنـة تــقــابــل ذلـــك الــحــق، وهي مـمـارسـة الصحيفة تـلـويـن الـــرد بحيث يـظـل حقيقة مـا نشرته الصحيفة هـو األصـــوب؛ إذ يتدخل محرر الـصـحـيـفـة بـتـغـيـيـر املـــفـــردات أو بــحــذف بـعـضـهـا أو بـــالـــتـــداخـــل فـــي الـــــرد املـــؤكـــد عــلــى صــحــة مـــا نشرته الصحيفة.. وهذه األالعيب يعرفها من سار في دروب الصحافة كثيرا. وثــمــة مــبــدأ تــحــمــلــه كـــل صــحــيــفــة أمـــــام الــــــرأي العام بأنها صحيفة محايدة في نشر األخبار كما هي وإن اعترض (بلد أو شخص) على ما تم نشره تكون لدى الصحيفة الــوثــائــق الـتـي تـدعـم حقيقة مــا تــم نشره، وصحيفة الواشنطن بوست ليست محايدة إطاقا، فموقفها ضــد اململكة واضــح وبـالـتـالـي فهي تسعى إلـى تثبيت ما تنشره عن اململكة بكل صـور وحرفية اإلعام املزور للحقائق. إن تحدي األمير خالد بن سلمان لم يكن في الخفاء بــل نشر فــي وســائــل إعـامـيـة عاملية وعـربـيـة؛ فحوى التحدى إظهار األدلـة التي لدى الصحيفة لتأكيد ما نشرته.. وهذا هو الحق الذي يبنى عليه تقديم قضية ضــد الـصـحـيـفـة لـكـي يـلـزمـهـا الــقــانــون عـلـى االعتذار ونفي ما تم نشره. وألن وسائل اإلعام العاملية اعتمدت على التسريبات التركية فقد اختلطت الحقيقة بالكذب واالفتراءات، وألن اململكة وجــدت نفسها فــي عاصفة مــن األخبار الكاذبة فإن األمر يحتاج إلى زمن تهدأ فيه العاصفة وتـظـهـر األشــيــاء كـمـا حـدثـت ولـيـس كـمـا أريـــد لـهـا أن تكون. ودول كبرى كبريطانيا انتظرت كي تتجلى الحقائق قد وصل بها األمر في نهاية األحداث للقول إن اململكة العربية السعودية دولة استهدفت إعاميا.