Okaz

السالم في اليمن... هل من أمل؟

-

أعــلــن املــبــعـ­ـوث الـــدولــ­ـي لـلـيـمـن مــارتــن غريفيث عن موافقة الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي اإلرهابية على الحضور إلى العاصمة السويدية استكهولم مـن أجــل جـولـة جـديـدة مـن املــفــاو­ضــات. وفــي نفس الــوقــت ومـــن أجـــل إفــســاح املــجــال لـلـمـسـاع­ـي الــدولــي­ــة مــن جهة ووصول املساعدات اإلنسانية أعلن التحالف العربي عن توقف الهجوم على الجيوب املتبقية بيد الجماعة اإلرهابية في ميناء الحديدة. املبعوث الدولي السيد غريفيث عبر عن تفاؤله بنجاح الجولة القادمة من املفاوضات. بالنظر إلى طبيعة عمل املبعوث الدولي يمكن تفهم التصريحات املتفائلة التي يدلي بها، ولكن إذا مــا أخــذنــا الـتـجـارب الـسـابـقـ­ة مــع هــذه الـجـمـاعـ­ة فــا يوجد الكثير الذي يدفع إلى التفاؤل. ففي مفاوضات الكويت أفشلت الجماعة هذه املفاوضات وفي محاوالت املبعوث الحالي إقامة مفاوضات في جنيف خال الصيف املاضي استندت الجماعة إلى حجج واهية من أجل عدم الحضور وعدم املشاركة في تلك املفاوضات. ومع ذلك فإن هناك بعض النقاط والتطورات التي تدعو إلى بعض التفاؤل الحذر. لعل التطور األهـم الـذي دفع جماعة الحوثي إلى الجنوح إلى السام هو التقدم العسكري املضطرد لقوات التحالف العربي وخـصـوصـا الـسـيـطـر­ة عـلـى الـسـاحـل الـغـربـي لليمن، واقتراب السيطرة على ميناء الحديدة االستراتيج­ي وهو امليناء األهم الذي تستند إليه الجماعة اإلرهابية للحصول على إمداداتها، باإلضافة طبعًا إلى كونه املمر األساسي للمساعدات اإلنسانية اآلتــيــة إلــى الـيـمـن. هــذه الــتــطــ­ورات العسكرية الـتـي حـدثـت في مدينة الـحـديـدة ومينائها ليست منفصلة عـن الـسـيـاق العام الــعــســ­كــري، فـعـنـاصـر ميليشيا الــحــوثـ­ـي بــاتــوا يـقـاتـلـو­ن على تخوم صعدة، فهذا الوضع العسكري الضاغط هو الـذي أقنع تلك امليليشيات بأنه يصعب عليها أن تستمر في محاولة إطالة الصراع إلى أطـول فترة ممكنة. أما التطور اآلخـر الـذي ال يقل أهمية فهو أن املجتمع الــدولــي والـغـربـي على وجــه التحديد بات أكثر اهتمامًا بالوضع اليمني خصوصًا بعد التحذيرات األخيرة لألمم املتحدة بـأن اليمن يوشك أن يقع فريسة كارثة إنسانية بسبب نقص املــواد األساسية. لذلك شهدنا خـال كل الزيارات األخيرة للمسؤولن الغربين نقاشًا جـادًا حول هذه القضية، على العكس مما شهدناه خال سنوات األربع املاضية. ولكن االهتمام وحــده غير كــاف وإنـمـا نحن بحاجة إلـى عمل جاد يحدد أسسًا للتفاوض وتطبيق القرارات الشرعية الدولية وتحديد املسؤوليات على الصعيد اليمني. وهذا ما طالبت به قـوات التحالف العربي على امتداد السنوات املاضية. وإعان أحد قادة امليليشيات عن وقف إطاق النار يعتبر تطورًا مهمًا وإن كان غير كاف ولكنه على األقل يمهد األرضية للمفاوضات القادمة، وهذا ما أشار إليه املبعوث األممي ورحب به. إذا كـانـت هــذه الـعـوامـل واألوضــــ­اع الـسـائـدة تـدفـع إلــى تفاؤل حــذر كما ذكــرنــا، فــإن هـنـاك عـوامـل كثيرة تـدفـع إلــى النقيض مــن هـــذا الــتــفــ­اؤل. لـعـل أول تـلـك الــعــوام­ــل هــو الــوضــع الحرج الــذي تمر بـه إيـــران، وهــي الــداعــم للجماعة اإلرهــابـ­ـيــة، فإيران تتعرض لعقوبات من الواليات املتحدة األمريكية لم يسبق لها مثيل، وهـذه العقوبات تضغط بقوة على الوضع االقتصادي والسياسي في دولة املالي، لذلك فإن إيران تسعى الستعراض أذرعها املوجودة في املنطقة، وتسعى إلى إثبات قدرتها على التأثير في القضايا اإلقليمية املتفجرة. وفي هذا اإلطار نشهد تـدخـا سـافـرًا فـي لبنان ملنع تشكيل الحكومة، واألمـــر يتكرر فـي الــعــراق ومـحـاولـة مستميتة لتعقيد األوضـــاع فـي سوريا. وبالتالي ليس من مصلحة إيران إيجاد تسوية للملف اليمني بعيدًا عنها. لـذلـك ال نستغرب أن تــحــاول مليشيات الحوثي اإلرهابية تخريب تلك املفاوضات. الشيطان يكمن فـي التفاصيل وفــي ملف املـفـاوضـ­ات اليمنية هناك الكثير منها. لعل النقطة األبرز هي مرجعيات التفاوض، نظريًا فإن جماعة الحوثي قد وافقت مسبقًا على تلك املرجعيات، وأهمها املبادرة الخليجية ومقررات الحوار الوطني وكذا القرار األمــمــي ،2216 وقــد أشـــار خـــادم الـحـرمـن الـشـريـفـ­ن إلــى هذه املرجعيات في خطابه أمام مجلس الشورى، وهذه املرجعيات تضمن عملية انتقال سياسي حقيقي. األزمة أن جماعة الحوثي لديها خطاب مزدوج في هذا اإلطار فهي تعلن موافقتها على هــذه املرجعيات ولـكـن عندما يـبـدأ الـتـفـاوض ترفضها. وهي في الحقيقة ترى في هذه املرجعيات خطرًا ألنها تحولها إلى قـوة سياسية وليست مليشيات مسلحة أو دولــة داخــل الدولة اليمنية على طريقة حزب الله في لبنان. لذلك فإن عوامل نجاح املفاوضات القادمة في السويد تزاحم عوامل الفشل، ودون وجـود إرادة دولية حقيقية تضغط على الجماعة اإلرهابية وتعمل من أجـل تطبيق أمـن للمرجعيات املتفق عليها مـن مختلف فئات الشعب اليمني، دون تحقيق ذلك، فإننا سوف نبقى ندور في نفس الحلقة املفرغة التي ندور بها منذ االنقاب الذي قامت به جماعة الحوثي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia