بناء الوطن بنهضة أخالقية

كنا ننظر لبعض االجـتـهـادات الـفـرديـة التي بنت فكرة الدفاع عن الوطن بسلوك ال أخاقي إزاء هجمات إعامية فارغة القيمة واملضمون، وكيف تبرر فيه الوسيلة بسمو الغاية بطريقة -واعية أو غير واعية- تغض الطرف عن أهمية األخاق ودورها في بناء املجتمعات ونهضتها، فـاألخـاق هي القاعدة التي تبنى عليها القوانن التي نحتكم إلـيـهـا فــي كــل وقـــت، مــا يجعلها ركــيــزة لصاح املجتمع ومقياسًا لقدرته في البناء. قد يختلف معي الكثير في فهم الحالة التي تتطلب رد اإلســـاءة بــاإلســاءة، فيما يكون الــرد بطريقة ال تجعلنا نغرق في التعاطي مع الفعل السيئ برد الفعل السيئ أو األسوأ، ويصبح ميزان اإلساءة واحدًا ال فرق فيه بن من أساء ومن رد اإلساءة في البعد األخاقي، على أقل تقدير يمكن الرد إما دون الوقوع في اإلساءة بشكل يجرح من األخـاقـيـات ويـكـف على املـسـيء إســاءتــه أو بالتجاهل، لـكـن الـتـطـاحـن املـخـجـل الـــذي يـحـدث فــي مــواقــع اإلعام االجتماعي إزاء أي قضية بن فئات مختلفة في الرأي بمبرر دفــاع كـل فئة عـن مجتمعها، ال يسمح ألي طرف آخر محايد بأن يعطي الحق ألي منهما، بينما كل فئة تعكس أبشع الصور عن مجتمعها وطريقة تنشئته على مرأى العالم، رغم أن التيارات املعارضة ال تريد الحقيقة وال تريد أن تسمع إال صوت نفسها من حيث ال تستحق إن تؤخذ على محمل الجد. إن كان الرد يأتي في حقيقته كتعبير عن الذات فاملفترض أن يأتي من البناء التنموي املستدام الذي يستثمر بشكل صحيح في األخاق والطاقات التي توجهها، هو عبارة عن عمل يعبر عن ذاته ويحقق أهدافه وغاياته في مدى صـنـاعـتـه لـلـقـوة والــتــأثــيــر، ولــيــس مــن املـمـكـن أن يكون مبنيًا على الضدية بحيث تكون معاكسة األمــور خلا واضحًا في محطات الدوافع أو األهداف، وهذه مسؤولية تقع على عـاتـق كـل واع ومـؤثـر فـي اإلعـــام االجتماعي إلنهاء ظاهرة «الردح» عديمة القيمة واملعنى، واالتجاه إلى بناء أخاقي فعال تكمن قوته في جوهره األخاقي وموضوعيته، وليس بالشتائم والفجور في الخصومة.