«القط» التركي.. و«الفأر» القطري!
تــتــمــدد مـــا يــمــكــن تـسـمـيـتـهـا «لــعــبــة الــقــط والفأر»، لقضية مقتل املــواطــن الـسـعـودي جـمـال خاشقجي، بعد محاوالت تسييسها، واستخدامها مطية من قبل ساسة وتيارات ومنظمات معادية للسعودية، طامعة فـي كسر إرادة اململكة وزعـزعـة أمنها واستقرارها، والنيل من سيادتها التي تعتبر خطًا أحمر يستحيل تجاوزه مهما كلفها األمر. وهذا ما حدا بمراقبني إلى القول إن اللعبة التركية سـتـرتـد إلـــى نـحـر حـكـومـتـهـا، وإن تـلـك التسريبات والتسجيالت املزعومة في حال وجودها ستؤكد أن البعثات الدبلوماسية لـدى أنقرة تخضع لعمليات تــنــصــت، غــالــبــًا مـــن خــــالل الــعــمــال املــحــلــيــني الذين تستخدمهم تلك السفارات والقنصليات، أو اختراقها بأدوات تجسس تخالف األعراف واملواثيق الدولية. ال تـزال تركيا ومعها الفأر القطري يلعبان على كل الحبال في محاولة تشويه الصورة السعودية عبر تـسـريـبـات وفــبــركــات فــي وسـائـلـهـمـا اإلعــالمــيــة، بل يــراد أن تكون التسجيالت «املـزعـومـة» ورقــة رابحة لحض واشنطن على فـرض عقوبات على الرياض، لكن الرئيس األمريكي دونـالـد ترمب صفع كل تلك املــحــاوالت، مؤكدًا أن إدارتــه متمسكة بتحالفها مع السعودية، وأنه لن يغامر باتخاذ إجراء أحمق ضد اململكة ليهدد اقـتـصـاد أمـريـكـا والــعــالــم، معلنًا أنه سيلتقي األمـيـر محمد بـن سلمان على هامش قمة مجموعة الــ 20 في العاصمة األرجنتينية بيونس آيـــرس، ومثله إعــالن الكرملني أن الـرئـيـس الروسي فــالديــمــيــر بــوتــني سـيـلـتـقـي ولـــي الــعــهــد السعودي أيضًا. ماذا يعني هذا؟ هذا تأكيد جديد من قطبي العالم (أمريكا وروسيا) على مكانة السعودية الكبيرة، وثقلها فـي اإلقليم وتأثيرها في السياسة الدولية، وتشديد صريح على أن قضية مقتل خاشقجي هي جريمة جنائية أساسًا، وليست سياسية، ويجب أال تكون ذريعة ملحاوالت زعزعة استقرار السعودية، التي هي في نهاية املطاف زعزعة القتصاد العالم، وبالتالي استقراره السياسي واألمني. لجأت الدوحة منذ بداية حادثة خاشقجي إلى صرف أموال طائلة لتنظيم حمالت إعالمية ممنهجة قذرة لتشويه الـسـعـوديـة، ولــأســف انــســاق وراء إعالمها بـعـض مــن الــوكــاالت اإلخــبــاريــة والــوســائــل الغربية التي أصبحت صيدًا للمال القطري بهدف النيل من سمعة اململكة أمــام الــرأي الـعـام الــدولــي، ولكنها لم تجِن إال الفشل يتلوه الفشل. فـي غضون ذلــك، كشفت «بــي بـي ســي» البريطانية، فــي تـقـاريـر لــهــا، انـتـشـار األخــبــار الــزائــفــة والكاذبة على نطاق واســع، بوسائل اإلعــالم التركية، راصدة حجم األخبار الزائفة والكاذبة، التي ترددها الكتائب اإللكترونية التابعة لحزب العدالة والتنمية! فمنذ ظهور رواية االنقالب الفاشل في ،2016 تحولت تركيا إلى سجن كبير، إذ أسفرت الحمالت األمنية عن خضوع نحو 402 ألف شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال نحو 80 ألفًا، بينهم مئات الصحفيني، كما جرى إغالق 189 مؤسسة إعالمية، وفصل 172 ألفًا مـن وظائفهم، ومــصــادرة 3003 جامعات ومدارس خاصة ومساكن طالبية! وتساء لت محطة إذاعة بريطانية إذا كانت لدى تركيا تلك القدرات التجسسية الضخمة، فلماذا لم تتدخل ملنع وقــوع حـادثـة الصحفي الـسـعـودي خاشقجي؟ وزادت أن مطالبة أنــقــرة بمحاكمة املتهمني الذين أعــلــنــت الــســعــوديــة تــوقــيــفــهــم عــلــى ذمــــة التحقيق مـسـتـحـيـلـة الــتــحــقــق؛ ألن الــعــدالــة الــتــركــيــة مشكوك بنزاهتها منذ االنقالب الفاشل على الرئيس أردوغان فـي .2016 وعــالوة على ذلــك -يضيف املعلقون- أن مـثـل تـلـك الـتـسـجـيـالت (إذا وجــــدت) لــن تقبلها أية محكمة عادلة؛ ألنها غير قانونية، وبالتالي ستعامل أمام القضاء النزيه باعتبارها أدلة غير مقبولة -I ،admissable evidence بحسب نـظـم الـعـدالـة والقيم الغربية السائدة. أمــا «لـعـبـة الـقـط والــفــأر» فــي شقها األمــريــكــي، فهي بــني جــمــاعــات وسـيـاسـيـني مــعــروفــني بمناهضتهم للسعودية، واإلدارة األمريكية التي تتحالف مع اململكة وتطالب بالتعقل، خصوصًا أن الخطوات السعودية في هذه القضية تسير بشكل عملي صحيح. وفيما تضغط تلك الجماعات باتجاه إجــراءات مستحيلة في التعامل بني الدول ذات السيادة، وفرض عقوبات اقـتـصـاديـة ودفــاعــيــة، فــإن اإلدارة األمـريـكـيـة تعمل باتفاق «جنتلمان» مع السعودية التخاذ اإلجراءات الــقــانــونــيــة ضــد املــتــهــمــني، وهـــو مــا أعــلــنــت اململكة قيامها به، من خالل التحقيقات التي أعلن نتائجها مكتب النائب العام السعودي أخيرًا. األكيد أن تلك الحمالت املسعورة لن تفت في عضد الــســعــوديــة، ولـــن تـجـد اسـتـجـابـة مـنـهـا أوال، ثــم من أشقائها وأصـدقـائـهـا وحلفائها ثانيًا، باعتبارها دولــــــة كــبــيــرة مــــؤثــــرة فـــي اإلقــلــيــم والـــعـــالـــم تتمتع بالسيادة على أراضـيـهـا، وهـي وحـدهـا التي تحدد شــــؤون حـكـمـهـا والــتــخــطــيــط ملـسـتـقـبـل شـعـبـهـا، وال تخضع ألية تهديدات وإمالء ات واستفزازات، وستظل قوية شامخة بإرادة ال تهزم وعزيمة ال تكسر.