اخلدعة األممية في احلديدة ومينائها
لـيـسـت املـــرة األولــــى الــتــي أكــتــب فيها عـن الـتـواطـؤ الــواضــح الفاضح لألمم املتحدة من خالل مبعوثيها إلى اليمن لتعقيد أزمته وإطالتها لصالح املليشيا الحوثية املنقلبة على الشرعية بتخطيط وتـمـويـل ودعم عسكري ولوجستي إيـرانـي. هـذا التواطؤ لم يعد تخمينا أو استنتاجا بل حقيقة تؤكدها طبيعة املقترحات األممية بشأن األزمة وأسلوب التعاطي معها منذ جمال بن عمر إلى مارتن غريفيث الذي يزور الرياض ألخذ موافقة الحكومة الشرعية على مقترح كارثي بشأن ميناء الحديدة، وفي الحقيقة هــو مـقـتـرح حــوثــي يــريــد املــبــعــوث تــمــريــره تحت غطاء أممي لقلب املوازين في معركة الحديدة التي أوشكت الشرعية بدعم التحالف على كسبها. الـحـديـدة هــي نقطة استراتيجية بـالـغـة األهمية لـلـحـوثـيـني؛ ألن مـيـنـاءهـا هــو الــشــريــان الرئيسي لإلمدادات الحوثية بعد خنق بقية املنافذ البحرية وحـــصـــار الــبــريــة، لــذلــك تــحــولــت ورقــــة الحديدة إلـى ورقـة ذهبية في سيناريو املفاوضات ولكن ـ لألسف ـ لصالح الحوثيني. لقد أوشكت الشرعية على تحرير كامل الحديدة ومينائها فاخترعت األمــم املتحدة مـوضـوع مستشفى الحديدة الذي تمترس فيه الـحـوثـيـون لـفـرض هـدنـة الــتــزم بها التحالف لكن الحوثيني لم يلتزموا وعلى مرأى ومــســمــع األمــــم املــتــحــدة، وحـــني عــــاود التحالف عملياته بعد خرق الهدنة طار املبعوث غريفيث إلــى اليمن إلنـقـاذ الحوثيني بمقترح تـم ترتيبه معهم وهــو إشــتــراك األمـــم املــتــحــدة فــي اإلشراف على ميناء الحديدة. االشتراك مع من؟ طبعا مع الحوثيني الـذيـن يسيطرون على املـيـنـاء. حسنًا، ومــديــنــة الــحــديــدة مــن ســيــديــرهــا بــعــد أن أوشك تطهيرها كليا؟ طبعا ستعود للحوثيني بفضل التكتيك األممي. هذه اللعبة األممية الخبيثة املكشوفة يجب على الـحـكـومـة الـشـرعـيـة رفـضـهـا بشكل قـاطـع عندما يتحدث معها السيد غريفيث فـي الــريــاض، وإال ستكون شريكة معه في إعادة األزمة الى مربعها األول؛ أي الـــســـيـــطـــرة الـــحـــوثـــيـــة عـــلـــى الشريان الرئيسي الوحيد الذي تبقى إلعانتهم على البقاء واسـتـمـرار مواجهتهم للجيش الوطني اليمني. الحل املنطقي الوحيد هو تسليم امليناء واملدينة لقوات الشرعية بحماية التحالف، وبإمكان األمم املتحدة املشاركة في اإلشراف بعد طرد الحوثيني إذا كــانــت جــــادة فــي إنــقــاذ الــيــمــن، أمـــا استمرار تواطئها مع الحوثيني بتكتيكات متغيرة فذلك مــا يـجـب أن تـرفـضـه نـهـائـيـا الـحـكـومـة الشرعية والتحالف.