Okaz

خيانتك للوطن.. تعني تنازلك عن حقوقك

- @massaaed * كاتب سعودي محمد الساعد * m.assaaed@gmail.com

عزيزي الحقوقي أو الناشط أو املغرد أو الكاتب أو سم نفسك ما شئت، عندما تأخذ خيارك باالبتعاد عن وطنك، وتنأى بنفسك عن محيطك الثقافي واالجتماعي؛ ألن لك موقفا مخالفًا لبعض األفكار أو املشاريع أو املوظفني أو الخيارات السياسية، وال يؤثر موقفك ذلك على أمن بلدك ووحدته وسلمه االجتماعي فهو شأنك وحدك. لــكــن حـــني تــصــطــف مـــع أعــــــدا­ء الـــوطـــ­ن وتــنــخــ­رط فـــي مــشــروعـ­ـهــم االنقالبي والتقسيمي، وتفضل تنظيمات إرهابية وتروج ألفكارها وتغسل موبقاتها، أو تحالف دولــة معادية مستبدة ظاملة ال تعرف الحريات التي تتغنى بها علينا، وتتبنى فعلها التآمري الــذي يهدف في نهاية األمــر لتفتيت أرضك وتحويل أهلك إلى مشردين في دول الجوار أو على أبواب أوروبا يطلبون حق اللجوء، فأنت بال شك خائن ولست معارضًا. عليك أن تعي يا عزيزي أنك تنازلت بإرادتك وحدك عن كل حقوقك - ال أقول هنا حياتك أو التأثير فيها فـذلـك مــا يــقــرره الـقـضـاء مــن عـقـوبـات -، لكنها خــيــارات­ــك وحـــدك فــال تلمنا إذا كــان خـيـارنـا وطـنـنـا وأهــلــنـ­ـا، أنــت مــن قررت مفارقتنا وخططت عن سبق إصــرار وترصد لإلضرار بنا، ولذلك ال مقاالت الواشنطن بوست وال لقاءات «السي ان ان» وال بيانات منظمات الشواذ تجب الخيانة وال تعفي فاعلها من توابعها القانونية. كما يجب أال تنسى أنـك عندما تتعامل مع أنظمة معادية وخطيرة كقطر وتركيا وإيران وإسرائيل وبعض الدول الغربية ككندا هو تهور غير محسوب العواقب، وأن التجارب طوال املئة عام املاضية تقول بصريح العبارة إن أحد هـذه األنظمة وأجهزتها ومنظماتها التي تزين لك عملك وتستخدمك ضد وطنك ستورطك أوال ثم تلفظك ثانيا عندما تنتهي منك، إمـا ألنها ال تريد الدخول مع دولتك األم في إشكاالت الحقة، أو ألنك لم تعد صالحًا لالستعمال، راجـع مصير الذين خانوا السعودية مع املـد القومي والبعثي عندما سوت الدول الداعمة لهم عالقاتها مع الرياض رمتهم في املزابل والشوارع الخلفية، ثـم تحولوا إلــى متسولني فـي بـيـروت والـقـاهـر­ة ودمـشـق وبـغـداد، لقد تركوا للعار الذي لطخهم وبقي مالزمًا لهم طوال حياتهم. من السهل جدا أن تلبس خيانتك بلباس الوطنية والدفاع عن الحقوق املختلف عليها أو تتعامل مع منظمات تتستر خلف اإلنسانية أو تكتب املقاالت في الصحف الغربية، لكن من الصعوبة أن تقنعنا أنها ليست خيانة، نعم ستمرر املعلومات وسيستضيفك املذيعون املشهورون وستلقي املحاضرات في مراكز األبحاث. هناك من يخلط بني الخيانة والتعبير عن الرأي واالنتقاد، مساحة االنتقاد ال تتيح لك التحدث نيابة عن الدوحة أو أنقرة أو «هيومن رايتس ووتش» أو كـنـدا أو أملـانـيـا، وال تبيح لــك أخــذ املـــال الــحــرام مــن قنصليات وسفارات ومنظمات عابرة تبطن ما ال تظهر، أو تجتمع مع ضباط املخابرات املعادية في البيوت اآلمنة واملقاهي املظلمة. من كان يأخذ األموال من سفارة موسكو للتجسس على أمريكا في أيام الحرب الباردة كان يطالب املدعي العام األمريكي بإعدامه، لم تقل النيويورك تايمز وال الواشنطن بوست أنـه ناشط حقوقي وال باحث عن الحرية، بل وصفوه بالخائن ألمته ووطنه، فهل خونتهم مغضوب عليهم ومن يخوننا مغفور لهم، تزيني الخيانة وتغليفها بشرائط الحريات البراقة، قد ينجح لبعض الوقت لكنه ال يدوم كل الوقت، فالبد أن تنكشف سوأتهم ذات يوم. البعض يعتقد أن عليه عقاب الحكومات وال يتسامح معها؛ ألنها لم تلتفت له ولعبقريته -املزعومة- ولم تقربه أو تجعل منه مسؤوال أو وزيرًا، وهناك من ال يزال يقفز من سفينة إلى أخرى يخون هنا ويدغدغ هناك، يفضح كل هفوة ويسعد بكل كبوة ويحالف كل عدو.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia