جني بس يا حليله!
نصاب في بعض األحيان بلوثة عقلية تسقط عنا صفة الرشد والنضج وحسن التصرف، وغالبًا ما تكون لها أسباب نفسية واضحة إمـا من شدة الفرح، أو من شدة الحزن أيضًا. فنتصرف كشخص (مجنون) أقعدوه ثم طلبوا منه إبداء رأيه وإعطاء
ُّ حكمه في خالف بني رجل مستبد وامرأة، فحكم على نفسه بالقصاص! واألمانة املهنية تحتم علي تحذيركم، ربما استمراركم في القراءة قد يصيبكم بشيء منها، نظرًا ألن (قرينك) بجانبك اآلن، ولكن إن كنتم تتحصنون وتــقــرأون على أنفسكم املــعــوذات فـال خــوف عليكم وال هم يحزنون. عزيزي القارئ الكريم، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم أجبني: هل سبق لك أن بحثت عن شيٍء ما في مكانه املعتاد ولم تجده، وبعد بحٍث طويل وفوضى من حولك تعود لتجده في نفس املكان؟! أغلبكم سيقول نعم، فأحدكم قد يبحث عن نظارته وهي عالقة (بأرنبة) أنفه (املكعبر) دون أن يراها! إن مثل تلك الظاهرة تحصل مع %80 من سكان العالم، وسببها العلمي أن العقل يكون (الـلـه بالخير) وفــي حالة مـن الفوضى وعــدم التركيز وتشتت األفكار واألحاسيس لحني عودته إلى أرض الواقع، سـواء كان محلقًا كطائر من فـرط السعادة، أو محبطًا ومهمومًا كبومة من شدة األحزان. لكن تفسير علماء الـخـوارق ومـا وراء الطبيعة لتلك الظاهرة مختلف تمامًا، فهم يـرون أن التفسير املنطقي لتلك األفعال يعود إلى (الجن)، وتحديدًا الجني العاشق والجني اللعوب (يا حليله)؛ نظرًا ألن العاشق معذور تمامًا البتالئه بشدة الحب فال يستطيع أن ال يـرى معشوقته ليكحل عينه منها، واآلخــر اللعوب يحب املـرح واللعب والتباسط مع بني البشر بأخذ أغراضهم وإخفائها وإرهاقهم بالبحث عنها، يعني يلعب معانا (استغماية) ثم بعد أن يرهقه كثر اللعب و(العفرتة) يعود ليرجع األغراض املختفية إلى مكانها حتى يراها (اإلنسي)! ال أخفيكم وبغض النظر عن تلك (التهاويل)، أعجبت كثيرًا بشخصية (الجني العاشق) واحترمته، وقــرأت عنه تعريفًا خربوطيًا في موقع (ملـسـتـشـيـخ) مــن بـيـاعـي الــوهــم، ومــعــروف عـنـه جــدًا مـمـارسـتـه للدجل وادعاؤه الخرافات. قـال (فضيلته) إن هـذا الجني العاشق مسالم يمتلك في البداية قلبك ثــم عقلك ثــم روحـــك ثــم جــســدك، وقــد يـكـون مــؤذيــًا فــي بـعـض الحاالت املستعصية، وهــو يظهر للمرأة تحديدًا مـن خــالل (املـــرآة) ويهيم بها خصوصًا إن كانت من ذوات الشعر الطويل. وحتى (يبهر) حديثه يذكر للتأكيد قصة لفتاة كان قد عالجها حسب ما يزعم، وهي تقسم بالله أيمانًا مغلظة أن الجني يشبه أقوام الهنود الحمر الـقـدامـى، وهــو ذو جسد طويل ولـونـه أســود مخطط باألبيض -حشا حمار وحشي مو جني- ويرتدي على رأسه ريشة حمراء، يعني (والـنـعـم) جني على رأســه ريشة (مـش أي كــالم). عمومًا أنـا عن نفسي صدقتهم، لكن ما أدري عنكم. وإلى أن يحني موعد اللقاء، أعترف أني أكتب لكم ألول مرة مقاال ولست جالسة على مكتبي الصغير املليء باألسرار، بل أكتب وأنا أمام املرآة، أتفحص مالمحي فــال أعـرفـنـي، وأبــحــث عني فــال أجــدنــي، فأنتظر أن يمرني ذاك الجني (املتلبس بي) ألغني له: (انتحل شخصيتك وأوقف أمام مرايتي، وأضمني، وأحبني، وأحكي لي وش سوا الزمان). * كاتبة سعودية