التاريخ املغاير لألبطال

مؤخرا وعلى نحو متزايد يظهر الناس من حولي عدم ثقتهم في التاريخ املكتوب ويوعزون ذلك ملا نعيشه من انتشار األخبار املكذوبة في عصرنا الحديث. وهذا يثير الشك فعال. فإذا كنا نقف بأنفسنا اآلن على هـذا التزييف واســع النطاق وقلب الحقائق وتجميل الوقائع أو التحامل على األبرياء وتنزيه الظاملني ثم بعد ذلك وثقنا في التاريخ فنحن البد نعاني خلال في املنطق. يبدو وكأن لكل بطل عرفناه تاريخا مغايرا أو بديال. فعلى سبيل املثال مطلع األسـبـوع قامت الحكومة في لـوس أنجلوس بإزالة تمثال كريستوفر كولومبوس الذي نعرفه بوصفه مكتشف العالم الجديد «أمريكا». وسحبوا منه كل سجاياه التاريخية واعتبروه مجرما وقاتال نكل بالسكان األصليني وتم استبدال اليوم الذي يحتفلون فيه بعيد كريستوفر كولومبوس ويتخذون منه يوم عطلة. ليصبح عيدا للسكان األصليني أيضا. هكذا، وبكل سهولة! عـنـدمـا مــات كـولـومـبـوس فــي عــام ،1506 لــم يـكـن الــرجــل الذي اكتشف العالم الـجـديـد. ألن ال أحــد حتى ذلــك الـعـام فهم نطاق اكتشاف كولومبوس. كان يعتقد أنه اكتشف جزرا قبالة سواحل الهند في آسيا. قبل أن يقوم كولومبوس برحلة كشوفاته كان حاكما مستبدا من أتباع امللكة إيزابيال وامللك فرديناند لكن بعد أن وصلت تقارير عن استبداده وظلمه للشعب. خلع بأمر ملكي من منصبه. فبدأ في رحلته الكتشاف أمريكا هربا من العار الــذي لحق به حتى فراش موته. فأثناء رحالته أصيب بمرض غريب في مفاصله وعظامه ومات طريح الفراش نازفا من عينيه وأنفه مستقذرا منبوذا وأخفى أهله خبر وفاته بسبب الراتب الذي يصله وخشوا أن ينقطع. كم في تاريخنا العربي من أشباه كريستوفر أصحاب التاريخ املغاير والــذي جـاء الوقت إلسقاط تماثيلهم وروايــة تاريخهم الحقيقي. ختاما: (ال تقرأوا التاريخ زيف ما يسطره الذيول كفاكمو زيفا على زيف سني العمر مرت ما قرأت حقيقة مرت كما مرت على الصحراء صائفة الغمام). هذا النص للشاعر السعودي الكبير: محمد جبر، من قصيدته الخالدة: «جاء ت خديجة».