2-1 اللي عقد روس احلبال يحلها
ضـــرب (جــمــعــان) بـكـفـه عـلـى ركـبـتـه وهـــو يـنـهـض، كانت رقـبـتـه طــويــلــة، أحــنــى رأســـه وهـــو خـــارج مــن الــبــاب ومع ذلـــك لــم يـسـلـم مــن حــكــة فــي قــفــاتــه. نـــذر «عــنــدكــم، انفروا بالجباهة وراعيها» قالت زوجته وهي طالعة من الدرج بـحـزمـة حـطـب فــوق رأســهــا «ســـم بـالـرحـمـن، وشـبـك تنذر مع الصبح». رد بلهجة غاضبة (هذي نبتك، زوج البنت، زوج البنت) ذلحن من يرعى غنمك ويسرح ويروح معك. فقالت «والله ما معك من عقلك كفحة، اللي ندتها عادوا جدات وأنت حبالك طوال، إن كان ما همك إال الغنم فشف لك راعي سواة الناس». افــتــك الــحــمــارة مــن سـفـلـهـا، وتـــنـــاول الــصــكــاك، والحبل، وقــربــهــا مــن الــــدرج، ومـــد ســاقــه لـيـركـب، فـتـحـركـت، سقط بــمــؤخــرتــه عــلــى حــافــة الـــدكـــة، وأوجـــعـــه حــجــر فــي عجب الذنب، فسمع ضحكة (صبحة) بنت الجيران، فعرف أنها شافته، فقام سريعًا، واأللــم يحز فـي قلبه، لعن الحمارة وسـاعـتـهـا. اقــتــادهــا إلـــى مـسـاطـح عــامــرة بـــورق الخروع والطباق والثفلة، فطول للحمارة، ودق الصكاك بالحجر، ونـظـر إليها وهــي تجمط مـن الـخـال، وقــال «ارعـــي جعلك ما تنكفن». سمع أن شابًا أسحم اللون وصل إلى القرية يــبــحــث عـــن عـــمـــل. ســــأل جـــــاره أبــــو صــبــحــة «فــــن هـــو يا الرفيق» فأجابه: تلقاه في املسيد. وأضاف: «يقولون جاي من الخبت، ال أم وال أب وما له إال أبو خيمة زرقـا». ذهب إلى املسجد، فوجده متلحف بمصنف ومنزويًا في ركن، فسلم عليه، وأخذه بيده للبيت. لــقــي فـــي (داحــــــش) ســـنـــدًا. راعــــي غــنــم، ويـــصـــرم القضب، ويـحـتـش لـلـحـمـارة، ويـشـقـق الــحــطــب. تعلقن بــه صبايا الــقــريــة، إذ مــا أن يــخــرج الــصــفــريــقــة، ويــبــدأ يـنـفـخ فيها ويــالعــب أصــابــعــه حـتـى يتجمعن مــن حــولــه، وقلوبهن تخفق، وينسن الهادي واملنادي. مـن شــدة بسطة جمعان بالراعي التهامي لـم يترك أحدًا إال وأبـلـغـه بـصـفـات هــذا الــشــاب الـطـيـب، وأخـــذ الجماعة يــتــقــاطــرون كـــل لــيــلــة لــلــســمــرة عــنــد جــمــعــان، خصوصًا العريفة. الذي كلما انقضت صالة العصر، التحف الجبة، وقعد في الدرج املقابل ملسراب املسجد وكلما شاف جمعان قـال: «بعد العشا ال تخلي نبغي السمرة، ونشرب الكيف والقهوة مع التمرة». للحديث بقية، وسالمتكم.