التكتل اجلديد.. ضربة معلم
حـدث في غاية األهمية ذلك الـذي تم في الرياض يوم قبل أمس األربعاء، ال يقل أهمية عن املبادرات التأريخية التي تبنتها اململكة مثل مجلس الـتـعـاون الخليجي ومنظمة التعاون اإلسالمي ورابطة العالم اإلسالمي، وربما يكون هذا الحدث األخير أكثر أهمية عندما نضع في االعتبار خطورة الظروف الراهنة والصراعات املتفاقمة سياسيا واقتصاديا بأشكال مختلفة، وتغير خارطة األطماع الجغرافية بحسب تغير أهمية املواقع عليها. الحدث الـذي نعنيه هو إطالق التكتل اإلقليمي لسبع دول عربية وأفريقية مشاطئة للبحر األحمر وخليج عدن، يهدف إلى تعزيز األمن واالستقرار في املنطقة وتأمن املالحة والتجارة العاملية. هــــذه املــنــطــقــة، الــبــحــر األحـــمـــر وخــلــيــج عـــــدن، تــمــثــل عنق الــزجــاجــة الــتــي تــمــر مـنـهـا حــركــة الــتــجــارة والــطــاقــة إلى العالم، وهي املنفذ إلى املناطق الدافئة والقارات الخصبة والدول الغنية بمواردها الطبيعية، لذلك جعلتها العوامل الجيوسياسية منطقة جذب للنفوذ وورقـة بالغة األهمية في التنافس املحموم والصراع واألطماع بن الــدول التي تتطلع إليها. حاولت إيــران مد نفوذها عبر البحر األحمر إلـى أفريقيا عـبـر نـشـر األيــديــولــوجــيــا والــــوالء لـلـمـاللـي لكنها تعثرت وخسرت كثيرًا ألنها طرقت الباب الخطأ، فالشعوب التي تــحــتــاج الـــغـــذاء والــــــدواء والـتـعـلـيـم والـتـنـمـيـة لــن تقنعها الـنـظـريـات والـغـيـبـيـات، لـكـن عــن إيـــران لــن تغفل عــن هذه املنطقة خصوصا بعد أن أصبح لها وكيل في اليمن الذي يطل على البحر األحمر وخليج عدن. ثم جاء وهم النفوذ الــتــركــي /العثماني مــع أردوغــــــان، فــحــاول جــاهــدًا إيجاد مـوضـع قــدم عـلـى الـشـاطـئ الـغـربـي للبحر األحــمــر ونجح فــي ذلــك لـأسـف الـشـديـد، وسـتـحـاول تركيا بجهد حثيث الحصول على مواقع أخرى إذا استطاعت، وإذا لم يتم كبح أطماعها. وإذا أضفنا إلى ذلك التنظيمات اإلرهابية التي تعشش على الجانبن في الصومال واليمن فسوف نعرف خــطــورة الـعـبـث بــهــذه الـبـقـعـة الـجـغـرافـيـة االستراتيجية للعالم. اململكة بـهـذه املــبــادرة تضيف دلـيـال جـديـدا مهما عــلــى نــمــط سـيـاسـتـهـا الــتــي تــســعــى وتـــحـــرص دومــــًا على إحالل األمن واستدامة السلم اإلقليمي والعاملي، وقطع دابر حماقات الـدول واألنظمة التي تسعى إلثـارة االضطرابات والفوضى.