«مؤمتر مكة» يعري «اإلسالم السياسي» ويحذر من «التكفير»
1200 مؤمترتاريخيبحضور شخصيةإسالميةمــ
دعـــا مــؤتــمــر «مــخــاطــر التصنيف واإلقــــــــصــــــــاء» إلـــــــى إنـــــشـــــاء لجنة جامعة تمثل املـكـونـات اإلسامية املختلفة لصياغة ميثاق إسامي شامل. وحذر املؤتمر، الذي نظمته رابــطــة الـعـالـم اإلســامــي بحضور 1200 شـــخـــصـــيـــة مـــــــن مفتيي العالم اإلسامي وعلمائه ودعاته ومفكريه من 127 دولة و82 مذهبًا وطائفة، من تصدير الفتاوى خارج نطاقها املـكـانـي. ودعــا املشاركون إلــــــــى إيــــــقــــــاف شــــــــــــــذوذات فــــتــــاوى الــتــكــفــيــر، والــتــفــســيــق، والتبديع. وعــرى املـؤتـمـرون فـي توصياتهم مــــا يــســمــى بـــجـــمـــاعـــات «اإلســـــــام الـــســـيـــاســـي»، وأشــــــــــاروا إلـــــى أنها دخلت عبر تاريخها في صراعات ومكائد. وأكـدوا أن تلك الجماعات «لـــم تــنــل خــيــرًا ســـوى شـــق الصف اإلسامي».
اخــتــتــمــت أعــــمــــال املـــؤتـــمـــر اإلســــامــــي الـــعـــاملـــي للوحدة اإلسامية «مخاطر التصنيف واإلقصاء» (في أفق تعزيز مفاهيم الــدولــة الوطنية وقيمها املشتركة) الــذي عقدته رابطـة العالم اإلسـامـي في مكة املكرمة، بمشاركة نخبة مميزة من العلماء وقادة الرأي والفكر في العالم اإلسامي واملرجعيات العلمية والفكرية للجاليات اإلسامية، يومي 4/ 6-5 /0441هــــــ ،)2018 /12/ 13-12( تـحـت رعاية خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وبحضور 1200 شخصية من مفتي العالم اإلسامي وعـلـمـائـه ودعــاتــه ومـفـكـريـه مــن 127 دولـــة و82 مذهبًا وطائفة يمثلون املكون اإلسامي العام. ونــوه املؤتمر في ختام أعماله، بأهمية مضامني الكلمة الضافية التي تفضل بها راعي املؤتمر للحضور، مؤكدًا أنــهــا تــمــثــل وثــيــقــة مـهـمـة بـالـنـسـبـة لـجـمـعـهـم التاريخي االستثنائي في أطهر بقاع األرض حيث متعلقهم الروحي وقـبـلـتـهـم الــجــامــعــة، وأن الـكـلـمـة الـكـريـمـة جـــاءت مفعمة بتحفيز هـمـم الـعـلـمـاء والـــدعـــاة واملــفــكــريــن نـحـو أهداف املؤتمر. وثــمــن املـــشـــاركـــون فـــي املــؤتــمــر، جــهــود املــمــلــكــة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع األمير محمد بن سلمان في خدمة اإلسام واملسلمني واإلنــســانــيــة جــمــعــاء، والســيــمــا جــهــودهــمــا فـــي محاربة التطرف واإلرهاب إذ تعد اململكة الدولة األهم واألبرز في مكافحة األفـكـار املتطرفة واإلرهابية واألكـثـر فعالية في مواجهة الـجـرائـم اإلرهـابـيـة، فقد أنشأت وقادت أهم تحالف في هذا الــشــأن وهـــو الـتـحـالـف اإلسامي الـعـسـكـري ملـحـاربـة اإلرهــــاب، كما أســهــمــت بــفــاعــلــيــة فـــي التحالف الــدولــي ملــحــاربــة داعـــش وأنشأت أقــوى املـنـصـات العاملية ملواجهة أفكار التطرف واإلرهاب. ودعـا املؤتمرون إلى إنشاء لجنة جامعة تمثل املكونات اإلسامية املختلفة لصياغة ميثاق إسامي شامل يتضمن قواعد الخاف التي تحكم عاقة املسلمني، ويبني األصــول والثوابت املحكمة الجامعة لهم، ويحرر مـــواضـــع الــــنــــزاع املـــهـــمـــة، ويــحــيــلــهــا ألهــــل االختصاص للدراسة والنظر، وتقريب وجهات النظر فيها ما أمكن، وأن تتولى رابـطـة الـعـالـم اإلســامــي تبني ذلــك مـن خال وثيقة إسامية جامعة تحت عنوان: «وثيقة مكة املكرمة» يتم عقد ميثاقها بجوار البيت العتيق. وحذر املؤتمر من تصدير الفتاوى خارج نطاقها املكاني، وذلــك أن لكل جهة أحوالها وأعـرافـهـا الخاصة بها التي تختلف بها الفتاوى واألحـكـام، حاضًا على قصر العمل املوضوعي املتعلق بالشؤون الدينية الرسمية لكل دولة على جغرافيتها املكانية دون التدخل في شؤون غيرها، والـــتـــأكـــيـــد عـــلـــى أهـــمـــيـــة إيجاد مرجعية علمية موحدة لكل دولة فـــي كـــيـــان فـــتـــوى عـــامـــة أو هيئة علمية مختصة تعنى بالتصدي للقضايا الشرعية العامة، ومؤكدًا أن مثل هــذه الـتـدابـيـر مــن شأنها أن تـحـفـظ الـسـكـيـنـة الـديـنـيـة لكل دولــــــــة بـــمـــا فـــــي ذلـــــــك مـــــا يسمى باألقليات الدينية إذ يجب احترام مرجعيتها العلمية الخاصة بها، وأن يــكــون الــتــعــاون الــبــيــنــي في هذا مقتصرًا على مواجهة أفكار التطرف واإلرهاب وعلى الدراسات واألبحاث وتنظيم امللتقيات العلمية والفكرية لرفع مستوى الوعي والتصدي للمستجدات ذات الشأن الــعــام، وال يستثنى مـن ذلــك إال مـا كــان بطلب رسـمـي من الدولة املضيفة، أو داخا في اختصاص املجامع العلمية ذات الطابع الدولي. ودعـــا املــؤتــمــرون، «األقــلــيــات» فــي الــــدول غـيـر اإلسامية إلـى االنـدمـاج الوطني اإليجابي من خـال مفهوم الدولة الوطنية الشاملة، وأن تكون مطالباتهم بخصوصياتهم الـديـنـيـة وفـــق أنـظـمـة الــدولــة الـوطـنـيـة دون مــمــارســة أي أسلوب من أساليب العنف أو االستعداء. كـمـا دعـــا املــشــاركــون املـسـلـمـني بـتـنـوعـهـم وتــعــددهــم إلى االجتماع حول ثوابت الدين ومحكماته الجامعة، والعمل عـلـى تــجــاوز الــخــافــات الـسـلـبـيـة وحـــل مـشـكـاتـهـا بروح األخــوة اإلسامية، والنأي عن سلبيات التنابز بالتكفير والــتــبــديــع والــتــضــلــيــل، واالســتــمــســاك بــــأدب اإلســـــام في الــخــاف، ومـنـهـجـه فــي حــل الــنــزاعــات، مــشــدديــن عـلـى أن وحدة املسلمني وتآلفهم مقصد شرعي ال يجوز التمادي فـــي نــســيــانــه، وال الــتــأخــر فـــي إنـــجـــازه، وأن الـــشـــروع في تحصيل متطلباته هــو واجـــب الـجـمـيـع، وأن بـديـلـه هو فساد ذات البني. وشــدد املـؤتـمـرون فـي توصياتهم على ضـــرورة أال يفهم مـن الـوحـدة اإلسـامـيـة، التحزب ملـعـاداة ومناجزة اآلخر، بل تحث على التواصل والتعاون والتعايش معه وصوال للهدف املشترك بني الجميع وهـو إحــال السام والوئام حـول العالم، إذ إن جمع الكلمة اإلسامية يوحد قرارها نحو تحقيق تلك األهداف النبيلة بقواسمها املشتركة مع غير املسلمني، ويعزز من وعي املجتمع املسلم، ويحصنه من أفكار التشدد والتطرف واإلرهاب مع فتح آفاق الحوار مع الجميع باملنطق الحضاري املستنير. وفــي مــا يـخـص الـعـاقـة البينية بــني املــكــونــات املختلفة لألمة املسلمة، أكد املؤتمر أن ما تعانيه بعض دول العالم اإلسامي من متاعب ومــآس هو حصيلة متوقعة لحالة التمزق الـتـي تعصف بتلكم الـــدول، والـتـي غــرق بعضها فـي وحــل العنف الطائفي، فتبددت مــواردهــا، وتبعثرت طاقاتها فـي مـعـارك عبثية، تستنبت األلــم مـن جراحات املـــاضـــي وخـــافـــاتـــه الـــتـــي حــقــهــا أن تـــطـــوى فـــي ردهــــات التاريخ، ويستفاد من دروسـهـا وعبرها لتجنب الوقوع في مثياتها، وأن استمرار مثل هذا التخلف ال يعد بأمل جــديــد حــيــال كــل مــن وقــع فــي شـــراكـــه، كـمـا هــي ســنــة الله تعالى في خلقه وتدبيره. وأوضح املؤتمرون كذلك أن العاقة الحاكمة بني املكونات اإلسامية ترتكز على جملة قواعد، هي: -أن املسلمني أمـة واحــدة يجمعهم اإليـمـان بـرب واحــد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة، شعارهم قوله تعالى: «إن هذه أمتكم أمة واحــدة» (األنبياء: ،)92 ويدينون جميعًا لله بدين وشريعة تجمع وال تـفـرق، تـقـرب وال تـبـاعـد، وهــم شـركـاء فـي صناعة الحضارة اإلسالمية، ومواجهة التحديات الراهنة، فاملشتركات الجامعة بينهم تسمو بقوتها وصدق العمل بها على أسباب الفرقة والتناحر. - املــســلــمــون مــتــســاوون فـــي الــحــقــوق والـــواجـــبـــات، وهم جسد واحـد مهما نأت بهم الديار أو اختلفت بهم الرؤى واالجتهادات واملواقف، تجمعهم مقاصد اإلسام السامية، ورسالته الحضارية الخالدة املشعة بنورها على الجميع والـــــداعـــــيـــــة دومـــــــــًا إلـــــــى تحقيق الــــرحــــمــــة والــــــعــــــدل واإلحــــــســــــان، والــتــســامــح واألمــــن والـــســـام بني الناس أجمعني. -الوحدة الدينية والثقافية غرض نبيل متأصل في وجــدان الشعوب املسلمة، يعزز من جهود نشر القيم اإلسالمية وخصوصًا قيم العدل والسالم، ويؤكد أهــمــيــة املــراجــعــة لـتـصـحـيـح املسارات الــخــاطــئــة، ويــعــتــبــر أهــــم عــنــصــر في عــصــرنــا الـــحـــاضـــر لــتــفــعــيــل الرسالة بـنـور عدلها وتسامحها ومحبتها على العاملية لــإســالم اإلنسانية جمعاء. - توحد املسلمني وتضامنهم ليس موجهًا ضد أحد، بل هـو تحقيق لـغـرض ديـنـي نبيل، وامـتـثـال للنداء اإللهي الكريم «واعتصموا بحبل الله جميعا وال تـفـرقـوا» (آل عمران: ،)103 يمضي باملسلمني إلى اإلسهام في صناعة عالم تـسـوده الـعـدالـة والسلم والـتـراحـم والــوئــام، ويفتح صــفــحــات إيــجــابــيــة فـــي الــعــاقــة الــحــضــاريــة بـــني األمم، والـحـوار الثقافي بني الشعوب، على أسـس من االحترام املـــتـــبـــادل، والـــتـــعـــاون فـــي إعـــمـــار األرض، وتــحــقــيــق أمن اإلنسان ورخائه، ومواجهة التحديات التي تهدد مستقبل اإلنسانية، مع تأكيد أن وقائع التاريخ القاسي املحسوب فــــــي الــــكــــتــــابــــات غــــيــــر املنصفة عــلـى اإلســــام أو املــحــســوب على غـيـره مـن األديـــان ليس أي منها مــحــســوبــًا عــلــى حـقـيـقـة األديـــــان، وإنـمـا هـي اجـتـهـادات أو مطامع أو جنايات بشرية يتحمل إثمها ووزرهــــــــــا أصـــحـــابـــهـــا، إذ ليس أحـــد مــن الـبـشـر مـعـصـومـًا سوى أنبياء الله ورسله فيما يبلغونه عــن ربــهــم جــل وعـــا، وأن تدخل املصالح السياسية واملادية باسم األديـان فعلت فعلها وشوهت سمعتها وهو ما ترجمته فصول قاسية من تاريخ األديـان تـروى بكل ألم، وال يزال الـبـعـض يـسـتـدعـيـهـا إلذكــــاء الــجــراح فـيـمـا يـتـعـني شرعًا ومنطقًا طي صفحتها وقد قال الحق سبحانه: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم وال تسألون عما كانوا يعملون». - الـتـنـوع املـذهـبـي والـثـقـافـي فــي املجتمعات اإلســالمــيــة يقتضي إقـامـة شـراكـة عـادلـة ضمن عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، يرفض دعوات االستعالء املذهبي والثقافي، ويستثمر تعدد الرؤى وتباين النظر في إثراء الحياة املدنية والحضارية، وحفظ مقدرات األمـة، وتحقيق تنمية وطنية شاملة تسعد الجميع، ويبرهن على أن التعدد والتنوع اإليجابي ثــراء معرفي يـضـاف لرصيد األمة اإلسالمية ثقافيًا وحضاريًا. - إحياء مبادرات الحوار بني املسلمني ضـرورة ال مناص منها لتجاوز النزاعات والسجاالت السلبية، والسمو بهذا الوعي إلى تعزيز السلم املذهبي، وإشاعة ثقافة التراحم والتآخي وتقريب وجهات النظر بينهم. - مــا يـثـار عــن اإلســـالم مــن سلبيات يـعـبـر عــن الجهل بحقيقته، ويـكـشـف مــن جـانـب آخــر تقصير بـعـض املسلمني فــي سلوكهم املــعــمــم بـالـحـكـم الــخــاطــئ عـلـى اإلســـــالم، فـحـمـالت الـتـشـويـه ضد اإلسالم يتحمل بعض املسلمني نصيبًا من وزرها. - اجتهادات علماء املذاهب اإلسامية إثراء مهم يعبر عن فهومهم الـشـرعـيـة الـتـي وصــلــوا إلـيـهـا بحسب سياقات الـــزمـــان واملـــكـــان واألحــــــوال واألعـــــــراف، وهـــي اجتهادات جديرة باالحترام، ال التقديس والتعصب. - تـأكـيـد أن الـــوحـــدة اإلســامــيــة تـعـنـي الـــوفـــاق والتآلف والـتـعـاون وتوحيد الجهود فـي مواجهة مـوجـات الشر، وفي طليعتها أفكار التشدد والتطرف واإلرهاب. املشعة