w q UŽ u{ °wÝUO « åpL « ‚uÝò
اشـتـهـر مجلس الـعـمـوم الـبـريـطـانـي (الــبــرملــان) بـنـقـاشـاتـه املحتدمة، خصوصًا خال استجواب رئيس الوزراء كل أربعاء، وارتفاع أصوات أعضائه بني معارض ومـؤيـد، حتى أضحى يوصف مجلس العموم بأنه «سوق سمك» أو ما يعرف في السعودية بـ«البنقلة»، لشدة جلبة الباعة والوسطاء! ويبدو أن الكونغرس األمريكي أضحى يشابه «سـوق سمك» من نوع آخـــر، إذ تتعالى األصــــوات فـيـه إذا كـانـت الـسـعـوديـة هـدفـًا ألعضائه الذين تتضارب مصالحهم، وتتعدد مرامي سياساتهم ومشاريعهم. وقد بلغت الحماسة، ولنقل أيضًا الحماقة بهم مبلغًا جعل بعضهم يسعون ملنازعة الجهاز التنفيذي (الرئيس وإدارته) في اختصاصاته األصيلة. فحني ارتفع صوت املطالبني بفرض عقوبات على السعودية، في شأن قضية مقتل الزميل الصحفي جمال خاشقجي، رد الرئيس دونالد ترمب بأنه لـن يـعـرض اقتصاد العالم للخطر بمعاقبة أكبر مصدر للنفط فـي العالم، الـدولـة األقــوى تأثيرًا فـي أسـعـار النفط، وحصص إنــتــاجــه، وبــأنــه تـلـقـى مــن سـلـطـات املـمـلـكـة إفــــادة بـالـتـحـقـيـق مــع من اتهمتهم النيابة العامة بارتكاب الجريمة ومعاقبتهم وفقًا للقوانني السعودية. لكن خصوم الرياض قرروا أن تكون املبادرة بيدهم، فهم من سيصدرون قــرارًا تشريعيًا بـإدانـة القيادة السعودية، وهــم مـن سيصدرون قرارًا بالعقوبات التي يرومونها، وهم من سيقررون وقف مبيعات األسلحة للسعودية، ووقـف الدعم الـذي تقدمه واشنطن للتحالف الـذي تقوده السعودية لردع اإلجرام اإليراني ووكائه، وإعادة االستقرار لليمن. وال شك في أن موقف ترمب تجاه قضية خاشقجي هو في مجمله موقف رجل دولة يعرف مصالح باده ومصالح حلفائه. ويتجاهل هؤالء الذين حولوا الكونغرس إلى «سوق سمك» أن الرئيس األمريكي بصفته رئيسًا للجهاز التنفيذي Executive يملك بموجب الدستور حـق نقض أي قـانـون يـقـره الـكـونـغـرس، بصفته الجهاز التشريعي .Legislative كما أن هــذه املـواقـف املتطرفة ضـد السعودية، خصوصًا فـي مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، أسفرت عمليًا عن شق صفوف الجمهوريني الذين يريدون فوز ترمب بوالية ثانية. وكانت مزايداتهم على قضية خاشقجي من أسباب النتائج السيئة التي حققها الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي ألعضاء الكونغرس التي جرت في نوفمبر املاضي. ولـكـن يـبـدو أن األصـــوات العاقلة فـي «ســوق الـسـمـك» األمـريـكـي، على رغــم خفوتها تحت وطــأة نـجـوم الـبـروبـاغـنـدا املناهضة للسعودية، مثل ليندسي غــراهــام، وبــوب كـوركـر، ومــارك روبـيـو، وغـيـرهـم، بدأت تــفــرض نفسها عـلـى مـسـتـوى اإلعــــام املــحــافــﻆ والـيـمـيـنـي. فـقـد كتب ضابط االستخبارات العسكرية السابق مراسل وكالة أسوشيتد برس لـلـشـؤون الـخـارجـيـة فــرانــك هوكينز مــقــاال طــويــا نـشـرتـه مجلة The American Thinker املحافظة، تحت عنوان: «ألـم يحن الوقت لتجاوز مقتل خاشقجي؟»، أورد فيه 10 أسباب تعزو مطالبته بمغادرة تلك الحادثة. وذكر في مقدمته أن أعضاء الكونغرس من الديموقراطيني يتهمون ترمب بمخالطة القادة السعوديني بدعوى أنهم وراء الحادثة، «لكنهم بمنتهى الـسـهـولـة يتجاهلون عـاقـة املــســانــدة الـتـي أقامها الرئيس السابق باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري مع مالي إيران الذين ثبت باألدلة قيامهم بجرائم القتل، والتشريد، والتعذيب، وتحويل املنطقة إلى خرابة. وأشـــار إلــى أن قــرار الكونغرس الــذي يطالب تـرمـب بسحب أي قوات تساند حملة التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن خال 30 يومًا ليست وراءه فـائـدة تـرجـى ســوى إيـجـاد انطباع وهمي بــ«أنـنـا قمنا بشيء حيال قتل خاشقجي». وأكـد هوكينز أن ثمة 10 أسباب تدعو إلـى تجاوز القضية. وكتب: «لقد وصـف خصوم السعودية الحادثة بأنها تشبه قتا تم بموافقة الدولة. وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا فعلنا (نحن) حني قمنا بقتل أسامة بن الدن مدبر هجمات 11 سبتمبر؟ إن الدول تتصرف وفقًا ملا تراه أفضل ملصالحها بشكل روتيني. ضع في اعتبارك الـغـارات بالطائرات املسيرة التي نشنها في الشرق األوسط منذ هجمات 11 سبتمبر التي قتل فيها مئات األفراد من دون غطاء قانوني». وزاد هوكينز: «خاشقجي لم يكن صديقًا للديموقراطية الغربية أو الواليات املتحدة. لقد كان خاشقجي ناشطًا في جماعة اإلخوان املسلمني )...( كان يحلم بــإحــيــاء الــخــافــة اإلســامــيــة )...( لــذلــك مــن املـثـيـر للسخرية ومضلل جـدًا تصوير خاشقجي بأنه مجرد «كاتب عمود في صفحات الرأي الدولي في واشنطن بوست». لكن ذلك التصوير مريح جدًا ألنه يعطي الصحافة املناوئة لترمب مشجبًا إلبقاء خبر خاشقجي حيًا إلحراج ترمب». وأضـــــاف الــكــاتــب أن الــضــغــوط مـهـمـا تــعــاظــمــت لـــن تـفـلـح فـــي إرغام السعودية على التخلي عن قضائها، والتمسك بعقيدتها. وتساءل ملاذا تقود «واشنطن بوست» حملتها الراهنة على ولي العهد السعودي وهي التي كتبت أخيرًا: «يصّر الشباب السعوديون على أنهم يملكون التغيير (الــذي يـقـوده ولــي العهد)، وأنـهـم ملتزمون بإعادة صياغة بادهم. إن الدافع للتغيير في السعودية أكثر مصداقية ألنه نابع من داخل السعودية، وليس استجابة لضغط خارجي». وخلص هوكينز إلى أن السعودية هي الثقل الرئيسي املضاد إليران التي سلمها الرئيس السابق أوباما 150 مليار دوالر لتواصل بناء بـرنـامـجـهـا الـــنـــووي، وبــرنــامــج صــواريــخــهــا الـبـالـيـسـتـيـة املتوسطة والطويلة املدى. وهي - إيران - الداعم الرئيسي لﻺرهاب العاملي، واملهدد األكبر للسلم الـدولـي. وإذا تم إلغاء صفقة التسليح األخـيـرة البالغة قيمتها 350 مليار دوالر - وهو أحد مطالب مناهضي السعودية - فإن ذلك لن يسفر عن فقدان آالف الوظائف، بل سيضعف قدرات السعودية التي تتصدى وحدها للنفوذ اإليراني اإلجرامي الشرير. وإذا تحقق ألعـضـاء الـكـونـغـرس مـا يــريــدون فــإن الـسـعـوديـة ستتجه ببساطة ملنظومات التسلح الروسية، ما سيزيد نفوذ الرئيس فاديمير بوتني فـي الـشـرق األوســـط. وتـسـاءل هوكينز: «مــاذا يسعنا القيام به حيال قضية خاشقجي ســوى استنكارها كما استنكرتها الحكومة السعودية؟ إن من املصلحة اإلستراتيجية للواليات املتحدة أن تكون لها عاقة فعالة مع السعودية. وليس أمامنا خيار سـوى العمل مع األمــيــر محمد بــن سـلـمـان. هــذا هــو السبب فــي أنـنـا يجب أن نتجاوز قضية خاشقجي».