التعليم ودخل الفرد الكوري

لــو تتبعت منحنى الــرســم الـبـيـانـي لنصيب الــفــرد الكوري الجنوبي من الناتج املحلي اإلجمالي (البنك الدولي) لوجدت أنه كان ال يتعدى 104 دوالرات عام م1962 ثم ارتفع إلى 105 في عام ،م1965 أي ما يعادل دوالرا واحـدا خالل 3 سنوات، ثم ارتفع فجأة إلى ستة أضعاف خالل السنوات العشر التالية ليصل إلى 646 دوالرا عام ،1975 ثم ليتضاعف أربع مرات أخـــرى خــالل الــســنــوات الـعـشـر الـثـانـيـة ليصل 2540 دوالرا عــام ،م1985 ثـم ســار بشكل تـصـاعـدي لـيـواصـل مضاعفاته عندما ارتفع إلـى خمسة أضعاف خـالل نفس الفترة ليصل إلــى 12400 عــام م1995 ثـم ليحقق زيـــادة قـدرهـا %50 عام م2005 ليصل إلى 18700 دوالر ثم ليستقر على تخوم في 27200 دوالر عام 2015 وعليك أن تتخيل كم ضعفًا تحقق خالل الفترة ما بني عام 1962 إلى عام 2017 ومن دون موارد طبيعية!! كان االهتمام بالتعليم هو أساس هذا الفارق الهائل ففي عام م1960 لم يكن ثمة فرق في الدخل بني باكستان أو كوريا لكن الــفــارق كــان فــي الطلبة املسجلني على مقاعد الــدراســة حيث بلغت نسبتها %30 في باكستان، فيما كانت تصل إلـى %94 في كوريا، وبالتالي تضاعف الدخل في كوريا ثالثة أضعاف عن نظيره في باكستان في نهاية الثمانينات هذا خالف درجة االختالف في نوعية التعليم ذاته، وصاحب ذلك ارتفاع نسبة اإلنفاق على التعليم في كوريا من %2.5 عام م1951 إلى %23 بحلول الثمانينات ولو تتبعت منحنى اإلنفاق على التعليم لوجدته اليتجاوز 220 مليار «وون» كوري عام 300( 1975 مليون دوالر فقط) وفي عام 1985 ارتفع إلى 5 مليارات دوالر ثم قفز إلـى 30 مليارا عـام م2006 ليصل إلـى 47 مليارا عام 2012 ثم واصـل ارتفاعه إلى أن كسر حاجز الـــ05 مليارا قبل بضع سنوات، الشاهد أن ميزانية التعليم تضاعفت إلى أكثر مــن 155 ضـعـفـًا خـــالل 30 عــامــًا فـقـط وهـــو مــا يـشـيـر إلـــى أن نصيب الطالب مـن التعليم يصل إلــى 5 آالف دوالر للطالب الواحد مقابل 500 دوالر في بلد كمصر على سبيل املثال. هذه التطورات في مجال التعليم النوعي ومخرجاته العالية والتي كانت تخضع للقياس واملساءلة من قبل أعلى سلطة رقــابــيــة (الــبــرملــان) هــي الــتــي مــهــدت الــطــريــق لتحقق كوريا هذه املعجزة االقتصادية لتحتل املرتبة 11 في قائمة الدول العشرين.