ال أعرفكم وال تعرفوني !
دعتني إحداهن من غير مناسبة إلى مناسبة، وكان املجلس مكتظًا بالنساء وعامرًا ما شاء الله بالحش والنميمة والكالم الفاضي، وتشعب الحديث إلى أن وصـل إلـى املوضة والجمال و(خلطات) تطويل الشعر وتقصير اللسان، وانفتحت سيرة (الفاشونيستات) وتعددت األسماء بني النساء، وهنا شعرت لوهلة وكأنني مغيبة عن العالم واألحداث، ألني لم أعرف وال اسمًا واحدًا من األسماء التي تداولتها البنات، فاستمعت ألحاديثهن الشيقة وأنـا مبتسمة وملتزمة الصمت! وكما تعلمون، (الفاشينيستا) هو الشخص الـذي ال يمشي على املوضة، بل ينسق أزيــــاءه بنفسه وبـحـسـب ذوقـــه الشخصي حـتـى لــو كــان خـايـسـًا (مثل وجهه) ليكون مميزًا بمظهره. وغــالــبــًا يـنـتـشـرون عـلـى مــواقــع الــتــواصــل االجـتـمـاعـي ويــعــرضــون تفاصيل حـيـاتـهـم، ويــتــم الـتـعـامـل مـعـهـم ألغــــراض تـسـويـقـيـة بـحـتـة حـتـى وإن كانت املنتجات رديـئـة ألن املــادة تحكمهم فـي األول وفــي األخــيــر، فيقبضون ثمن التسويق لهذه السلعة أو املكان بالشكل املطلوب وحسب املبلغ املدفوع. ومن يبحث في هذا العالم الغريب سوف يجد العجب، فتلك الظاهرة تؤثر على السلوك اإلنساني وتعتمد على التسويق بغض النظر عن املصداقية، ولألسف هناك قطيع يتبعون األشخاص ويقلدونهم حتى لو دخلوا ُجحر ضب! وقــد شــاهــدت عــدة نــمــاذج، منها فـيـديـو مــتــداول لــواحــدة مـقـرفـة تــزعــم أنها (فــاشــونــيــســطــا) ولـكـنـهـا فــي الـــواقـــع (فــاشــو - ُرعـــــب) ال وجــهــهــا يــســاعــد وال شخصيتها كـذلـك، أظنها كـانـت تـسـوق ملطعم وصـــورت نفسها وهــي تلتهم قطعة من الدجاج، وحقيقة املشهد أصابني بالغثيان وجعلني أترحم على تلك الدجاجة املسكينة التي أوقعها حظها العاثر بني هذا الفك املفترس، وما زادني قرفًا منظرها املقزز وهي تنقض على األكل (بفجعة) ودون أي مراعاة (لكبودنا) التي حامت وال للذوق العام وإتيكيت األكل والتصوير، ناهيكم عن منظر الدجاج الذي ال أحبه وال تربطني به أي صلة ال من قريب وال من بعيد. وشــــاهــــدت أخـــــرى تـــدعـــي مـــواكـــبـــة آخــــر صــيــحــات املـــوضـــة وتــــرتــــدي جميع (خالقينها) دفعة واحدة، ثم (تلطخ) نفسها بعشرة كيلو من امليك آب، وبعدها ال تدع لونًا من ألوان الطيف على قلبها إال وتضعه على وجهها، مستخدمة (الكونتور) السحري ومرتدية (املكانس) الصناعية التي تباع حصريًا في (املكان الفالني) والذي يجعل منظر عينيك كعيني الغزال، وفي الواقع وجهها كله )Fake( وغير حقيقي وال يشبه حتى واحدًا من أشباهها األربعني! والله أني حمدت الله كثيرًا على نعمة العقل الذي يحكم تصرفاتنا وال يجعل من اإلنـسـان أضحوكة و(أراقـــوز) يضحك الناس عليه ارضــاء فقط ملن يدفع أكثر. لذا يا فاشينستات العالم أرجوكم، ارحمونا من كذبكم وتهاويلكم، فمناظركم فعليًا تصيبنا بتلوث بصري إال من رحم ربي منكم، وإن لم يكن لديكم شيء مفيد لتقدموه أو تسوقوا له، حبذا لو تبحثون عن أي شـيٍء آخر (تفلحون) فيه. ونصيحتي، كوني منتجة حقيقية أفضل من أن تكوني مسوقة خيالية بعيدة عن الواقع والصدق واألمانة ملجرد الحصول على املال. وأخيرًا قرأت خبرًا عن فاشونيستا تقول إن دخلها السنوي يتجاوز املليون دينار (اللهم ال حسد)، إن صح هذا الخبر أرجو من أي (فاشونيسطا) محترمة تــقــرأ مـقـالـي هــذا أن تـراسـلـنـي وتعلمني الـطـريـقـة فــــورًا، وحـيـنـهـا تجاهلوا مثاليتي ونصائحي (بـال منتجة بال هــم) فالرصيد البنكي في هـذا الزمان أغلى وأهم، وبعدها يا قرائي األعزاء أرجوكم ال أعرفكم وال تعرفوني. * كاتبة سعودية