Emarat Al Youm

إظهار الحزم وعدم التنازل يضمنان نجاح المفاوضات مع إيران

- إي. بي.إيه ترجمة: حسن عبده حسن عن «ناشونال إنترست»

منذ بعض الوقت، ثمة أسئلة مهمة حول نوعية الاستعدادا­ت التي يجب القيام بها في الإدارة الأمركية، قبيل مفاوضات محتملة مع إيران حول الملف النووي. وخال الفترة الأخرة، ظهرت مؤشرات متزايدة مفادها أن هذه الاستعدادا­ت جارية الآن في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، إذ يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يعتقد أنه قادر على حل المشكلة وحده، وفي اجتماع واحد مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني. وعند الرجوع إلى ما فعله الرئيس ترامب في كوريا الشمالية يزداد القلق من أنه يرى المفاوضات بن الطرفن من منظور واحد، الأمر الذي يمكن أن ينطوي على آثار سلبية عن التعامل مع إيران.

وبخاف العديد من المحللن الذين أعلنوا أن حملة ترامب، التي تعد من الضغوط القصوى على إيران، قد فشلت، فإن الأمر مختلف عما يقوله هؤلاء. والحقيقة المهمة أن مجرد الحديث عن مفاوضات محتملة هو نتيجة لحملة الضغوط. ولو أن إدارة ترامب لم تغر المسار الذي تتخذه إزاء إيران، لكانت الرسالة الطاغية الآن مفادها أن إيران قابلة بالاتفاقية، وأن الأمور كلها تسر على ما يرام. لكن نتيجة الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة خال العامن ونصف العام الماضية، أجرت القوى الأخرى على الاعتراف بأن ثمة أخطاء في الاتفاقية وينبغي معالجتها. وأخراً، قامت الدول الأوروبية بخطوات أقرب نحو أسلوب الولايات المتحدة، واتهموا إيران بأنها المسؤولة عن ضرب المنشآت النفطية السعودية، وحثوا إيران على معالجة القضايا الإشكالية في نشاطاتها المتعلقة بالساح النووي والصواريخ، والتدخل في شؤون دول المنطقة.

وذهب رئيس الحكومة الريطانية الجديد بوريس جونسون إلى أبعد من ذلك، حيث أعلن أن الاتفاقية النووية الدولية مع إيران سيئة، ويجب التفاوض على اتفاقية أخرى جديدة.

المفاوضات لن تكون سهلة

وإضافة إلى ما ذكر، لابد من القول بأن المفاوضات مع الإيرانين لن تكون أمراً سهاً، لأن النظام الإيراني يختلف تماماً عن رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون، الذي كان كل ما يرغب فيه والده وجده منذ سنوات عدة هو مفاوضات وجهاً لوجه مع الأمركين. ويكفي بالنسبة للزعيم الكوري الشمالي أن يجلس مع الرئيس الأمركي، فان ذلك بالنسبة له يعد مكسباً عظيماً، وهو مستعد لقاء ذلك تخفيف التوترات بن الطرفن. لكن بالنسبة لإيران فإن هذه المفاوضات هي آخر ما يريده المرشد الإيراني عي خامنئي.

وإضافة إلى ذلك، فإن إيران بخاف كوريا الشمالية ليست دولة نووية، لذلك فإن الهدف ليس تخفيف التوتر في العاقة بن إيران والولايات المتحدة، وإنما التفاوض على اتفاقية نووية أفضل، وهي مهمة ليست سهلة. ويتعن على المفاوضن الأمركين إمعان النظر جيداً في الاستراتيج­يات الإيرانية وتكتيكاتها في التفاوض، والتي ترجع إلى عام 2003. وعليهم أن يفهموا أن هذه المفاوضات لن تكون نتيجتها الفوز للطرفن، فإما أن تكون إيران قادرة على أن تصبح دولة نووية أو يتم منعها. وليس هناك حل وسط بن ذلك يجعل الطرفان راضيان.

لكن إيران هي الطرف الذي انتهك وبشكل صارخ الالتزامات

التي وقعت عليها عندما انضمت إلى اتفاقية الحد من انتشار الساح النووي، وبدأت في الكذب وخداع منظمة الطاقة النووية حول التطور في المجال النووي العسكري منذ عقود عدة. وبناء عليه فإنها ليست على قدم المساواة في موقفها من الدول العظمى التي تطالبها بالعودة إلى التزاماتها التي قطعتها. وحقيقة أن القوى العظمي تطالب إيران تحقيق هذا الالتزام على طاولة المفاوضات، وليس عن طريق القوة العسكرية، لا يعني أن هذا الأسلوب يمكن أن لا يكون أقل قوة في الضغط على إيران. وفي الحقيقة إن المفاوضات مع إيران هي بصورة أساسية لعبة إجبارها على الامتثال بما هو مطلوب منها.

الحسم

أحد الأشياء الأكر أهمية التي يجب تجنبها في المفاوضات مع إيران هو أن يكون المفاوضون حاسمن في مواقفهم، وألا يبدؤوا بتقديم التنازلات. وهذا كان درساً واضحاً من مفاوضات الاتفاقية السابقة. وكانت الدول ‪+1 5‬هي التي قدمت التنازلات لإيران في البداية، خال المفاوضات السرية، التي سبقت المفاوضات الرسمية. لكن لطول فترة المفاوضات التي استمرت بن 2014 و 2015، لاحظ المراقبون أن إيران وقفت موقفاً متشدداً، رافضة تقديم أي تنازلات في حن أن الدول الست الأخرى هي التي كانت تقدم التنازلات.

وبعد أن حظيت إيران بأول تنازل من الدول العظمى أدركت أن مزيداً من هذه التنازلات سيأتي تباعاً. وعند تقديم كل تنازل كانت الولايات المتحدة والدول الأخرى تعتقد أن الاتفاقية أصبحت في المتناول، الأمر الذي يدفعها إلى تقديم تنازل آخر بهدف التوصل إلى حل. وتم استغال الدول الست بصورة كبرة في عملية المفاوضات، بعد أن أدرك الإيرانيون أنهم متلهفون إلى التوصل لاتفاقية. وهذا مكن إيران من مواصلة الضغط من أجل مزيد من التنازلات. وكانت النتيجة اتفاقية نووية بعيدة جداً عن الأهداف التي أعلنتها إدارة الرئيس باراك أوباما في البداية.

لكن ما شهدناه، أخراً، من الرئيس ترامب، بعد حملة الضغوط التي نجحت في إيجاد نفوذ للولايات المتحدة، أن ثمة مؤشرات إلى أنه بدأ يرتكب الأخطاء، حيث إنه بدأ يقدم التنازلات أولاً. وعلى الرغم من أنه لايزال حتى الآن يمارس أقى الضغوط على إيران، ويضيف مزيداً من العقوبات عليها، إلا إنه في الوقت ذاته يظهر مدى تلهفه من أجل لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، إضافة إلى اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتقديم 15 مليار دولار لإيران إذا عادت إلى شروط الاتفاقية السابقة. وترى إيران في هذه اللهفة ضعفاً، عليها أن تستغله إلى أقى حد ممكن، وهذا بالتأكيد ليس نقطة بداية للتفاوض مع إيران.

وما يزيد الضعف في قدرة ترامب على التفاوض بنجاح مع إيران، هو تآكل قدرة الولايات المتحدة على الردع. وكان هذا واضحاً إثر الهجوم الذي شنته إيران على المنشآت السعودية. ويرى الخراء أنه كان يتعن على الرئيس ترامب أن يكون رده أكر من مجرد عقوبات اقتصادية.

لا اهتمام من أحد

وفي هذا الوقت لم يظهر الكثر من الاهتمام، لا من منظمة الطاقة النووية ولا من الدول العظمى التي تتعامل مع الأزمة، لما تكشف، أخراً من مواصلة إيران نشاطاتها النووية العسكرية، وذلك استنادا إلى وثائق إيرانية أصلية موجودة في الأرشيف النووي. والغريب أن جميع التقارير المتعلقة بتقدم الأسلحة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية حتى لو كان صادراً عن معهد بحث، كان يتم الإقرار فوراً على أنه صحيح ودقيق. وبالمقارنة، فإن التقارير التي تحدثت عن مواصلة إيران نشاطاته النووية العسكرية كانت تواجه بتشكك فوري بصحتها. وإثر نشر رئيس حكومة إسرائيل، بنيامن نتنياهو، نشاطات إيران النووية التسليحية، قامت صحيفة نيويورك تايمز بنشر تحليل شامل يتهم نتنياهو بأنه يقوم بحركة انتخابية، ولا يمكن الثقة بها. وتساءلت الصحيفة: إذا كانت هذه المعلومات صحيحة فلماذا ينشرها نتنياهو الآن، لماذا لم ينشرها من قبل؟

إيران بخلاف كوريا الشمالية ليست دولة نووية، لذلك الهدف ليس تخفيف التوتر في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وإنما التفاوض على اتفاقية نووية أفضل، وهي مهمة ليست سهلة.

 ??  ?? المفاوضات النووية السابقة مع إيران استمرت من 2014 إلى 2015.. وقدمت فيها الدول الكبرى تنازلات كثيرة إلى إيران.
المفاوضات النووية السابقة مع إيران استمرت من 2014 إلى 2015.. وقدمت فيها الدول الكبرى تنازلات كثيرة إلى إيران.
 ?? رويترز ?? جونسون قال إن الاتفاق النووي مع إيران «سيئ».
رويترز جونسون قال إن الاتفاق النووي مع إيران «سيئ».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates