Emarat Al Youm

خطة أميركية لحماية حقول النفط السورية تزرع الفوضى في المنطقة

- لارا سيلغمان، كيث جونسون*

أكد وزير الدفاع الأميركي، مارك إسر، يوم الإثنين الماضي، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس الإبقاء عى مجموعة صغيرة من الجنود الأميركيين في شمال شرق سورية، بالقرب من حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد، وهو اقراح محفوف بالمخاطر جاء بمثابة مفاجأة بالنسبة للعديد من المسؤولين، بعد أن أمى الرئيس ترامب الأسبوعين الماضيين، وهو يؤكد أن القوات الأميركية في المنطقة ستعود إلى الوطن.

ومنذ قرار ترامب سحب القوات الأميركية من المنطقة الحدودية بين تركيا وسورية، في 6 أكتوبر الجاري، وتمهيد الطريق لهجوم تركي عى الأكراد في شمال سورية، اقرح العديد من المسؤولين الاحتفاظ ببضع مئات من القوات الأميركية لقتال تنظيم داعش، والحفاظ عى العاقة مع قوات سورية الديمقراطي­ة التي يقودها الأكراد، وفق ما ذكره مسؤول كبير في الإدارة لمجلة فورين بوليي. وأضاف المسؤول بموجب هذا الاقراح فإن الضربات الجوية ضد «داعش» ستتواصل من العراق. لكن الخطة لم تتضمن أي شيء يتعلق بحماية حقول النفط في المنطقة الكردية، ومنع الرئيس السوري بشار الأسد من السيطرة عى هذه الحقول.

لكن ترامب بدأ تغريداته، الأسبوع الماضي، عن «تأمين النفط» في شمال سورية، الأمر الذي يزرع بذور الارتباك بين المحللين، الذين يحاولون التعامل مع النتائج المرتبة عى سحب القوات الأميركية من شمال سورية، والتخلي عن الحلفاء الأكراد. وتحدث السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، عن فكرة مشابهة في نهاية الأسبوع الماضي، مفادها أن مجموعة من الجنود الأميركيين يمكنهم حماية حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد.

وخال وجوده في أفغانستان يوم الإثنين الماضي، قال الوزير إسر، في تعليقاته: إن مثل هذه المجموعة من الجنود يمكن أن تساعد الولايات المتحدة في مواصلة قتال إرهابيي «داعش»، وحماية حقول النفط. لكنه لم يكن واضحاً في حينها ما إذا كانت الولايات المتحدة تحاول منع تنظيم «داعش» والحكومة السورية وروسيا وحتى إيران من الاستياء عى حقول النفط.

وقال الخراء إن بقاء بضع مئات من الجنود الأميركيين في سورية، يواجهون العديد من التهديدات، يعتر «خطراً كبيراً،» وقالت دانا سرول، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «من الصعب الاقتناع كيف ستقوم مجموعة من الجنود الأميركيين بمحاربة )داعش(، في الوقت الذي يكونون مشغولين طيلة الوقت بالدفاع عن أنفسهم ضد العديد من الأخطار». وأضافت أن مثل هذه الخطة يمكن أن تواجه رفضاً من الكونغرس، الذي لم يخول الجيش الأميركي حماية النفط في سورية.

اهتمام بالنفط

ويعتقد كثيرون أن خطة البنتاغون يقصد بها إبقاء عدد قليل من الجنود الأميركيين في المنطقة، بعد قرار ترامب الانسحاب من سورية. وكان ترامب يعارض منذ سنوات وجود الجيش الأميركي في الشرق الأوسط، لكنه مهتم بالنفط الموجود في المنطقة. وكان ترامب قد طالب مراراً وتكراراً حكومة الولايات المتحدة بأن تصادر النفط العراقي بعد غزو عام 2003. وقال الروفيسور مايكل شارنوف، من جامعة الدفاع الوطنية للدراسات الاسراتيجي­ة: «من الممكن أن الحفاظ عى الوجود الأميركي في حقول النفط يمكن أن يقدم غطاء لمهمة مواصلة مكافحة الإرهاب في سورية»، ولكن هذه المجموعة الصغيرة من الجنود لم يتم تحديدها، ولاتزال مثار نقاش في «البنتاغون».

واقرح إسر أنه يمكن للقوات الأميركية أن تظل بالقرب من حقول النفط في شمال شرق سورية لبضعة أسابيع عى الأقل، لمنع تنظيم «داعش» من الاستفادة من عائدات النفط لتمويل حربها. وقال إسر «لدينا قوات موجودة بالقرب من حقول النفط وهي ليست في حالة الاستعداد لانسحاب. وهدف هذه القوات العمل مع قوات سورية الديمقراطي­ة الكردية، ومنع وصول تنظيم )داعش( لحقول النفط.»

ويرى نائب رئيس منظمة «تقارير الاستشارة الأجنبية»

للطاقة، ماثيو ريد، أن هذه الحقول لاتزال في أيدي الأكراد وهي ليست مهددة، كما أن حقول النفط التي استخدمها تنظيم «داعش» لتمويل عملياته القتالية خال عصره الذهبي تقع في منطقة مختلفة من سورية، وأنه تم تدميرها إلى حد كبير خال سنوات القتال.

وربما ترغب الحكومة السورية في استعادة هذه الحقول، عى الرغم من أنها ليست ذات قيمة تذكر في الوقت الحالي، كما أن القوات الأميركية المرابطة بالقرب من هذه الحقول يمكن أن تشكل رادعاً لكل من يفكر بالاستياء عليها، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن أين سرابط القوات الأميركية،

وما الفرة التي سرابط خالها.

لا فائدة

وبالنسبة لأكراد، فإن مجموعة قليلة من الجنود الأميركيين الذين سيظلون في شمال سورية، يمكن ألا يقدموا أي مساعدة تذكر. ويمكن أن تقدم الولايات المتحدة دعماً جوياً ضد «داعش»، لكنها لن تساعد عى حماية الأكراد من ضربات للجيش الركي الجوية. ومن المرجح أن يرفض الروس تأمين غطاء جوي لأكراد ضد الأتراك، إذا بقيت الولايات المتحدة، كما قال أحد المستشارين الأكراد لمجلس سورية الديمقراطي. وأضاف هذا المستشار : «إذا لم يكن هؤلاء الجنود ال200، أو ما شابه، تحت حماية مضمونة تماماً، فإنهم سيشكلون عبئاً لأكراد، ولن يقدموا أية مساعدة .»

الحفاظ على الوجود الأميركي بحقول النفط، يمكن أن يقدم غطاء لمهمة مواصلة مكافحة الإرهاب في سورية، لكن هذه المجموعة الصغيرة من الجنود لم يتم تحديدها، ولاتزال مثار نقاش في «البنتاغون».

إذا لم يكن الجنود الأميركيون ال٢00، أو ما شابه، تحت حماية مضمونة تماما، فإنهم سيشكلون عبئا على الأكراد، ولن يقدموا أي مساعدة.

خيانة

وفي كل الأحوال، فإن بقاء مجموعة صغيرة من الجنود الأميركيين، للعمل إلى جانب قوات سورية الديمقراطي­ة الكردية لحماية حقول النفط من أيدي تنظيم «داعش» أو الحكومة السورية، يمكن ألا يكون مقنعاً، خصوصاً بعد الخيانة التي أظهرتها إدارة ترامب لأكراد الأسبوع الماضي. وقال شارنوف: «إذا كانت قوات سورية الديمقراطي­ة تعتقد أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخى عنها لصالح تركيا أو بسبب مصالح أخرى، فإن هذه القوات يمكن أن تفعل ما بوسعها لإبعاد نفسها عن الولايات المتحدة

والتوجه نحو التحالف مع الحكومة السورية، والتي أعلنت أنها ستسرجع كامل الأراضي السورية في نهاية المطاف»، بما فيها تلك الحقول النفطية.

وفي الوقت ذاته، فإن القوات الأميركية التي ستغادر سورية سرابط في مكان آخر بالمنطقة، قبل إعادتها إلى بادها، وفق العقيد مايلز كاجينز، المتحدث باسم الائتاف الدولي الذي يحارب «داعش». والذي أكد أن هذه القوات سركز عى محاربة «داعش».

ويبدو أن إسر تراجع عن تعليقاته، التي قال فيها إن معظم هؤلاء القوات القادمين من سورية سيتم إرسالهم إلى العراق، وذكر في تغريدة أنه ستتم إعادة مرابطتهم في «منطقة خارج سورية إلى حين موعد عودتهم إلى الوطن»، ولكنْ مسؤول كبير من الإدارة الأميركية أكد أن هؤلاء الجنود سيتم إرسالهم إلى العراق. ويبدو أنه خال هذه الفرة توقف القتال الذي كان دائراً بين الأكراد، والقوات المدعومة من تركيا. وتمكنت قافلة مساعدات طبية ومنظمة خيرية من الدخول، أخيراً، خال نهاية الأسبوع إلى راس العين، بهدف إخراج الجرحى المدنيين، بعد أن حوصروا لأيام عدة، بسبب القصف من القوات المدعومة من تركيا.

*كاتبان في مجلة فور ين بوليسي ترجمة: حسن عبده حسن عن «فورين بوليسي»

 ?? أ.ب ?? حقول النفط الموجودة في شمال سورية التي يريد ترامب إبقاء جنود أميركيين لحمايتها لاتزال تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطي­ة.
أ.ب حقول النفط الموجودة في شمال سورية التي يريد ترامب إبقاء جنود أميركيين لحمايتها لاتزال تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطي­ة.
 ?? أ.ب ?? إسبر تراجع عن تعليقاته بأنه سيتم إرسال القوات الموجودة في سورية إلى العراق، وقال في تغريدة: سيبقون في «منطقة خارج سورية إلى حين عودتهم إلى الوطن.»
أ.ب إسبر تراجع عن تعليقاته بأنه سيتم إرسال القوات الموجودة في سورية إلى العراق، وقال في تغريدة: سيبقون في «منطقة خارج سورية إلى حين عودتهم إلى الوطن.»
 ?? أ.ف.ب ?? قرار ترامب سحب القوات الأميركية مهّد الطريق لهجوم تركي على الأكراد.
أ.ف.ب قرار ترامب سحب القوات الأميركية مهّد الطريق لهجوم تركي على الأكراد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates